IMLebanon

الرهانات الخاطئة واللعب بالنار

توقف إطلاق النار والعمليات العسكرية في سوريا ولو جزئياً، لكن إطلاق «الصواريخ السياسية والإعلامية» في لبنان، ومنه، لم يتوقّف.

حربٌ عسكرية وأمنية شرسة على امتداد المنطقة، وحربٌ سياسية وإعلامية ونفسية تُشكل صدى لها في لبنان.

صمدَ الأمن والإستقرار في لبنان حتى الآن، بتوافق داخلي وغطاء دولي، وجهوزية كبيرة للجيش والقوى الأمنية، لكن لا أحد يضمن أيّ مفاجأة أمنية مع تزايد التوترات الأخيرة.

ولا يحتاج الوضع الأمني أساساً الى عناء كبير لكي يهتزّ سريعاً.

الإحتقان بين مُناصري القوى السياسية المتخاصمة يشبه غليان بركان. لم يعد للعقل واحة ولا للمنطق مساحة. موسم التكفير أتى على كل تفكير. تكفير ديني في سوريا والعراق يُفتي ويُشرّع بالقتل، وتكفير سياسي في لبنان يُهدِّد بدقّ أبواب جهنم في لحظة تخلٍ.

خلايا إرهابية قد تكون نائمة على رغم سقوط شبكات متعدّدة منها في قبضات الأمن اللبناني.

منصات الصواريخ السياسية والإعلامية أرضاً وفضاء، لا تهدأ في الإدلاء بدلوها في الحروب العسكرية والأمنية على مساحة الشرق الأوسط.

تجاهُل الدستور وتزايُد إهتراء نظام الدولة ومؤسساتها، واستمرار الإحتكام الى صناديق الصواريخ والبراميل والرصاص في سوريا بدل الإحتكام الى صندوق الإقتراع في مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية.

والأمور في سوريا لن تجد لها حلولاً في القريب العاجل، ولن يكون اختبار وقف النار الجزئي سهلاً، لا بل ازدادت التصريحات الأميركية والروسية الملمحة الى تقسيم سوريا. وبالتالي من غير المجدي الرهان على النزاع السوري والإبقاء على الإستحقاقات اللبنانية في ثلّاجة الإنتظار.

صحيح أن الحوار الثنائي بين «حزب الله» و«تيار المستقبل»، يهدف الى تنفيس الإحتقان وتحصين السلم الأهلي، لكن تأثيرات النزاع الإقليمي الدموي تضغط عليهما أكثر فأكثر، كما أن الخطاب السياسي يزداد تطرُّفاً وحساسية ويزيد الإحتقان، ويجعل من الشارع أكثر تأهُّباً للإلتهاب والفوضى.

أما الرهان على أن الدول الأوروبية لن تسمح بالمسّ بالإستقرار الأمني في لبنان خوفاً من هروب أكثر من مليون نازح سوري منه في اتجاه أوروبا، ما يخلق أزمة جديدة لها، فهو رهان منطقي، لكنه غير كافٍ ما لم يترافق مع آليات لخفض التوترات وقطع المهاترات ووقف الحرب الإعلامية الداخلية وإطلاق الحملات على الدول الشقيقة والصديقة.

المشكلة الكبرى أن القوى السياسية تضع مصالحها قبل مصلحة الوطن. وليس المهم أن يربح فريق في لبنان بل أن يربح لبنان.