«إن الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس (ميشال) عون للمملكة العربية السعودية والنتائج الإيجابية الكبرى التي تحققت فتحت آفاقاً جديدة في مسار العلاقات مع مملكة الخير، التي لطالما وقفت الى جانب لبنان دولة وشعباً (…).
وسيكون هناك عدد من الوزراء في استقبال أول طائرة تحمل الإخوة السعوديين القادمين الى لبنان».
«السعودية هي قبلة العروبة».
«بعد ثلاثين سنة عم نتخزّق إنتَ سنّي وأنا شيعي، وإنت ماروني وأنا روم، تعلّمنا من السعودية، إنو يا شبيبة في إشيا مجبورين نحلّها بالحكي، مجبورين نقعد مع بعض ونعترف ببعض».
يمكن توقّع صدور هذا الكلام عن أي نائب أو وزير أو مسؤول في تيار المستقبل. وكانت تنقصه عبارة «طويل الباع» ليُنسب بسهولة إلى رجل الأعمال (في السعودية) النائب (في لبنان) نعمة طعمة. ويمكن بكل «راحة ضمير» نسب هذا الكلام للوزير مروان حمادة الذي لم يخجل من القول في برقيات السفارة الأميركية: «إننا كالعاهرات نتذكّر من يعطينا المال». وهو لطالما اشتهر بتدبيج هذا المديح للنظام الذي لم يترك مشروعاً قومياً عروبياً إلا حاربه (منذ ما قبل جمال عبد الناصر)، وموّل الحرب الأهلية اللبنانية، واحتل البحرين قبل 5 سنوات، وساهم في تدمير اليمن في ستينيات القرن الماضي، وأفقر الشعب اليمني قبل أن يشنّ عليه عدواناً همجياً مستمراً منذ ما يزيد على 21 شهراً، وواجه كل مشروع مقاوم للعدو الإسرائيلي وكل رافض للهيمنة الأميركية، وشارك في حصار العراق ثم غزوه، بعدما دعم صدام حسين في واحدة من أطول الحروب في منطقتنا، وكان له نصيب في خلق تنظيم «القاعدة»، وسعى إلى استثمار وجود «داعش» لمضاعفة المأساة العراقية، وعمل على تفتيت سوريا، وأنتَج ــ ولا يزال ــ فكراً إقصائياً تدميرياً يعاني من خطره العالم أجمع.
لكن الصدمة أن الكلام المذكور أعلاه صدر عن وزير الدفاع يعقوب الصراف، في خطاب ألقاه في حفل تكريمه من قِبل مطران عكار للروم الأرثوذكس، باسيليوس منصور، الذي يُفاجئ كثيرين بصلابة موقفه السياسي الداعم للمقاومة وللحق الفلسطيني. وللأمانة، يصعب وصف الوزير الصراف بغير كلمة «الآدمي»، وهو الذي لم يُقِم أي اعتبار للثمن الذي كان يراد له أن يدفعه يوم واجه الحيتان محافظاً لبيروت، ولا أخذته «لومة لائم» ولم يأبه بمستقبله السياسي عندما استقال من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2006. ويمكن تفهّم متطلبات الموقع الرسمي، وتوجه رئيس الجمهورية المنفتح على السعودية. كما أن في مقدور أيٍّ كان تبرير عدم مهاجمة النظام السعودي، ووقف انتقاده، وقول بعض الكلام الدبلوماسيّ في حقه. لكن أن يصل الأمر إلى ما هو وارد أعلاه، فهذا مما يُحدِث خللاً في معايير تقويم السياسيين.
معالي الوزير، من شروط وصف «الآدمي»، ألا تقتصر النزاهة على نظافة الكف. اللسان أيضاً يتطلب بعض الصون.