Site icon IMLebanon

لماذا اختار الشعب الفلسطيني السنوار؟!!  

 

 

لا يزال أبطال «طوفان الأقصى» ورغم مرور 10 أشهر على حرب غزة، يحاربون إسرائيل ويمنعونها من تحقيق أهدافها بالقضاء على حركة حماس واستعادة الرهائن. وهنا لا بد أن نقول لكل الذين يعارضون قيادة يحيى السنوار إنّه لا بدّ لهم أن يعلموا انه لولا السنوار ومحمد الضيف وعملية «طوفان الأقصى» لما كانت القضية الفلسطينية تعود الى الواجهة… هذا أولاً.

ثانياً: لا شك ان عملية «طوفان الأقصى» «خلقت» مفهوماً جديداً للحرب مع إسرائيل، وأنّ هذه العملية هي الحل الوحيد مع العدو الإسرائيلي الذي لا يريد أن يعترف بأي دولة فلسطينية حتى ولو على أصغر قطعة أرض من أراضي فلسطين.

ثالثاً: بنيامين نتنياهو لا يفاوض إلاّ بالدم، والعمليات التي يقوم بها جيش العدو الاسرائيلي فضحت الأوامر التي يعطيها. وقد فضحت مسؤولة في المخابرات الاميركية جيش العدو الاسرائيلي بأنه يملك وسائل تصوّر له الهدف قبل استهدافه، ويستطيع أن يعرف من يوجد في الغرفة أو المسجد أو المدرسة التي كان يستهدفها جيش العدو، مما يرسم علامة استفهام حول الضمير العالمي والمؤسّسات العالمية بسكوتها عن حرب الإبادة التي يقوم بها نتنياهو ضد الشعب الفلسطيني الذي يطالب بإقامة دولة فلسطينية حرّة ومستقلة.

لهذا أعلنت حركة حماس تعيين زعيمها في غزة يحيى السنوار رئيساً لها بالإجماع، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة الشهيد إسماعيل هنية في العاصمة الايرانية طهران الاسبوع الماضي.

ويُعد اختيار السنوار مؤشراً على الرغبة في استمرار التصعيد من جانب «حماس» ضد تلّ أبيب، وعدم السير بسهولة في طريق التهدئة أو إبرام صفقات تتعلق بالرهائن أو غير ذلك بعد تعنّت نتنياهو والتفافاته حول كل الاتفاقيات المعدّة لإتمام الصفقة.

وهنا لا بدّ من التساؤل: ماذا يعني اختيار «رجل الأنفاق» يحيى السنوار زعيماً لـ «حماس» في مثل هذه الظروف؟

لقد أثار إعلان حركة حماس تعيين زعيمها في غزة يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي، خلفاً للشهيد إسماعيل هنية، تساؤلات بشأن دلالات الخطوة في هذا التوقيت، الذي يشهد تصعيداً في المنطقة.

وأكد محللون مراقبون على أن اختيار السنوار كان مفاجأة ستلقي بظلالها -بالتأكيد- على العديد من الملفات وعلى رأسها صفقة التهدئة في قطاع غزة.

أولاً: السنوار البالغ من العمر 61 عاماً كان الرئيس الفعلي للحركة، وصاحب اليد العليا في اتخاذ قراراتها المتعلقة بالحرب والمفاوضات. وتُـحاط تحركاته بسرّية شديدة. إذ لم يُشاهد علناً منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، رغم المحاولات الاسرائيلية المكثفة لتتبع أثره.

ثانياً: السنوار أمضى 23 عاماً في السجون الاسرائيلية قبل الافراج عنه عام 2011. ثم انتخابه رئيساً للحركة في غزة عام 2017. وبات مطلوباً ومدرجاً على قائمة «الارهابيين الدوليين» الاميركية.

ثالثاً: يعتبر اختيار السنوار زعيماً لحركة حماس رسالة موجهة لإسرائيل ورئيس حكومتها نتنياهو أولاً وأخيراً.

رابعاً: اختيار السنوار جاء مخالفاً لكل التوقعات خلال الأيام الماضية، وبعد شدّ وجذب بين قيادات «حماس». هذا الاختيار شكّل صدمة للمتابعين ولإسرائيل.. لأنّ نتنياهو -إن أراد التفاوض بعد ذلك- فعليه أن يتفاوض مع رجل الأنفاق الذي يقيم تحت الارض.

خامساً: جاء الاختيار ردّاً على تعنّت نتنياهو الذي اغتال الشهيد إسماعيل هنية رغم مرونته (أي هنية) التي قدمها بشكل كبير خلال المحادثات، إذ كان يطرح أفكاراً جديدة ويسعى للوصول الى اتفاق.

سادساً: ان خطوة «حماس» باختيار السنوار زعيماً ورئيساً لها تعتبر متغيّراً جديداً في مسار الحرب، سيُربك المشهد بأكمله، إذ ان الأمور ستسير بطريقة أصعب بكثير مما كانت عليه.

سابعاً: ان مفاوضات إطلاق سراح الأسرى ستتأثر بهذا الاختيار حتماً… وسيندم نتنياهو على فعلته باغتيال هنية… ولات ساعة مندم.

من جهة أخرى، ترك اختيار السنوار رئيساً لـ «حماس»، ارتياحاً شديداً في أوساط المقاومين الأبطال وبين أفراد الشعب الفلسطيني الذي يعاني الأمرّين في حرب الإبادة التي يشنها عليه نتنياهو. فالسنوار الذي تدرّج منذ سنوات شبابه في مواقع عديدة داخل الحركة، جعله مؤهلاً لقيادتها في هذه المرحلة، وسيكون حوله -بالتأكيد- فريق في قيادة الحركة عوناً وسنداً له.

والسنوار يحظى بالقبول من الجميع في الحركة، فهو «محل إجماع» ومن المبكر الآن الحديث عمّا ستؤول إليه عملية التفاوض.

لقد أجمعت قراءات محللين إسرائيليين على أن تعيين يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس خلفاً للشهيد إسماعيل هنية، يُعد:

أولاً: ضربة موجعة لإسرائيل، ويضعها أمام تحديات جديدة قبالة مشروع التحرّر الوطني الفلسطيني الذي سعت إسرائيل الى إجهاضه من خلال الحرب على قطاع غزة.

ثانياً: كما ان تعيين السنوار يعكس استراتيجية «حماس» بديمومة الصراع مع إسرائيل، والتي تحمل في طياتها مواقف أكثر تشدداً وتمسّكاً بالمبادئ والثوابت الفلسطينية الرافضة للمساومة أو تقديم أي تنازلات، وإعادة الصراع الى مربع «النكبة» عام 1948.

ثالثاً: يُعد اختيار السنوار استراتيجية «حماس» المستقبلية لكل ما يتعلق بالصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، وهو يعني عملية «خلط للأوراق» في الشرق الأوسط، وضربة لما تسميه إسرائيل «المحور المعتدل».

رابعاً: إنّ تعيين السنوار في أعلى رأس الهرم في أكبر فصيل للمقاومة الفلسطينية يحمل العديد من الرسائل والدلالات. وتشير الى ان «حماس» نصّبت زعيماً عنيداً لا يقدّم أي تنازلات، وأنّ الحركة لن تساوم على نزع سلاح المقاومة، والتأكيد على أن قطاع غزة في اليوم التالي للحرب سيبقى تحت سيطرتها.

خامساً: ان انتخاب السنوار للمنصب هو نوع من الاعتراف والتقدير لقيادة الحركة في قطاع غزة على قيادته النضال والقتال وللثمن الباهظ الذي دفعته.

سادساً: ان اختيار السنوار بعد وقت قصير جداً من اغتيال هنية يدلّ على القدرة على العمل التي لا تزال تتمتع بها حركة حماس.

سابعاً: ان اختيار السنوار بالإجماع وبهذه السرعة يعكس وحدة الصف في «حماس»، ما يدلّ على ان الحركة متينة وموحّدة وبلا تنافسات ونزاعات ومعسكرات وتيارات.

ثامناً: ان اختيار السنوار يُعد دليلاً آخر على سلوك «حماس» كمنظمة هرمية منضبطة حتى مواجهة الخلافات الشديدة، فهي تعرف كيف تحشد الصفوف وتوحّدها باسم القضية وصوب تحقيق الهدف.

تاسعاً: ان السنوار قادر على ترسيخ موقعه في الشارع الفلسطيني، وسيكون في طريقه للاستحواذ على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير.

عاشراً: ان قرار تعيين السنوار هو تعبير عن الثقة به وبالقيادة الراسخة في قطاع غزة، ويهدف الى إيصال رسالة الى إسرائيل والولايات المتحدة والعالم كله تقول إنّ السنوار وحده هو من سيُملي شروط الصفقة المستقبلية لإطلاق سراح المختطفين وإنهاء الحرب.

حادي عشر: إنّ هذا الاختيار يدل على ان «حماس» تتسابق ايديولوجياً في اتجاه أكثر تطرّفاً وتشدّداً في كل ما يتعلق بمستقبل الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني.

باختصار، إنّ «حماس» أظهرت بهذه الخطوة التزامها بفكرة الجهاد باعتبارها جوهر الفكر التنظيمي، وتكشف عن استراتيجيتها. فالسنوار هو الشخصية الأكثر ارتباطاً بالهجوم المفاجئ في 7 أكتوبر.

إنها رسالة واضحة للجميع انه لا يمكن التوصّل الى تسوية سياسية تشكل تحدّياً لإسرائيل وضربة موجعة لها، فالسنوار يعارض أي فكرة أو مناقشة لإلقاء السلاح.