Site icon IMLebanon

يارون تحت النار: الحرائق تحصد ثروتها الخضراء

 

تحوّلت بلدة يارون الحدودية مسرحاً لحرب الحرائق التي لا تُخمد، عن عمد وقصد يشعل الإسرائيلي النيران في أحراج البلدة ومحميتها الطبيعية التي تُعدّ الأكبر جنوباً من حيث المساحة، إذ تبلغ مساحتها حوالى 560 دونماً، احترق منها جزء كبير بسبب القذائف الفوسفورية اليومية.

يصعب على رجال الإطفاء في أحيان كثيرة إخمادها، فالجيش الإسرائيلي يتعمّد قصفهم وإبعادهم، في دلالة واضحة على رفضه إخماد ألسنة النيران، على حد قول رئيس بلدية يارون علي تحفة الذي يرى أنّ “استهداف رجال الإطفاء يأتي في سياق حرب الترويع التي يشنّها الإسرائيلي”.

تقدّر المساحة الخضراء في البلدة بأكثر من ثلث المساحة الإجمالية التي تبلغ 15ألف هكتار، ما يجعل يارون جنة الأشجار التي تزيّن ساحاتها وحتى حاراتها القديمة. حافظت البلدة طيلة السنوات الماضية على طابعها التراثي المدعّم بالحداثة، كما يقول تحفة، “لا يزال حيّها القديم بمنازله الحجرية المتلاصقة شاهداً على تاريخ البلدة التي تعيش الوحدة الوطنية بكل تجلياتها، فالمسيحي جار المسلم في البلدة، وقفوا جنباً إلى جنب في كل المحن والحروب التي شهدتها البلدة، حتى في هذه الحرب”.

تُعدّ يارون التي تقع قبالة هونين إحدى القرى السبع، بلدة القصور والاغتراب، إذ تنتشر فيها “الفيلات”، ومعظم أهلها في المهجر، وهذا ما أنعش البلدة اقتصادياً وسياحياً خلال الصيف. غير أنّ صيف الحرب اليوم مختلف، فالبلدة مهجورة ومنكوبة. تواجه خطر تدمير مساحاتها الخضراء. كل يوم تطالها القنابل الفوسفورية الحارقة.

خسرت البلدة آلية الإطفاء البدائية التي كانت تعتمد عليها في إخماد أي حريق، ريثما تصل فرق الإطفاء التابعة لاتحاد بلديات بنت جبيل.

منذ يومين تحاول فرق الدفاع المدني إخماد الحريق الذي اندلع قرب المجتمع الرياضي الأولمبي المحاذي مباشرة للحدود مع اسرائيل. في كل مرة يحاول رجال الإطفاء الوصول يتعرضون للقصف، والخسائر الكبيرة تدفع بتحفة للتفكير جدياً برفع شكوى إلى الأمم المتحدة حول تعمّد إسرائيل إحراق المساحات الخضراء، مشدّداً على أنّ “مسعاه جدي للغاية”.

 

إنها الحرب الأخطر التي تشنّها إسرائيل على القرى. حرب الحرائق، مساحات واسعة احترقت، لا احصائية دقيقة عنها، غير أنها تقدّر بآلاف الهكتارات على طول القرى الحدودية، قد يكون حرج عيتا الشعب ويارون ورميش الأكثر تأثراً وتضرّراً.

 

ولفت تحفة إلى أنه في صَدد شراء سيارة إطفاء جديدة بتبرعات أبناء البلدة المغتربين للحفاظ على ما تبقى من أشجار، وإطفاء النيران بشكل أسرع.

 

أما خسائر يارون الاقتصادية من الحرج فكبيرة وتحديداً من موسم الصنوبر والخروب، حيث تنتج البلدة سنوياً نحو 3 أطنان من الخرّوب تخصص إيراداتها للإعتناء بالمحمية.

 

لا تتوقف خسائر يارون عند الغطاء الأخضر الذي شكل عنصر جمال ورقي فيها، بل تعداها إلى الخسائر الزراعية، فكل المواسم معطّلة، حتى الموسم الصيفي أُحرق. لا يوجد أحد في البلدة. الجميع نزحوا عنها، باستثناء سيدة واحدة أبت الخروج، في وقت بلغ عدد الوحدات السكنية المدمرة كلياً 50 وحدة، في حين أنّ الأضرار حلّت في كل الوحدات السكنية جرّاء الغارات المستمرة على البلدة. وأكثر ما يخشاه تحفة أن يطال التدمير الضيعة القديمة التي تحوي منازل يفوق عمرها مئات السنين، وهذا يشكل خسارة تاريخية للبلدة.