رغم بعض الاسترخاء الأمني الذي ساد جنوباً، عادت الجبهة الجنوبية لتحتل صدارة الحدث اليومي، في ظل استمرار الاعتداءات “الإسرائيلية” على البلدات الحدودية، بموازاة الحديث عن وصول المفاوضات من أجل وقف الحرب في غزة إلى طريق مسدود، على الأقل حتى اليوم. وعلى هذا الصعيد، يقول النائب “التغييري” ياسين ياسين لـ “الديار” إن “اللبنانيين يعيشون حقبةً ستبقى فيها المناوشات قائمة والتي أسموها هم قواعد الاشتباك، التي لها صلة بالمفاوضات الحاصلة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، وبالتالي، فإن لبنان قد تجاوز الحرب الموسّعة، إنما للأسف نحن نعيش نتيجة المفاوضات، فإذا ذهبت يميناً، نكون أمام نتيجة معينة، وإذا ذهبت يساراً سنكون أمام نتيجة أخرى، وعلى خلفية هذه المفاوضات، لبنان يعيش هذه الصراعات بكل أسف”.
وبهذا المعنى، يرى “إننا عدنا إلى قواعد الاشتباك، بناءً على المصالح الإيرانية ـ الأميركية جراء المفاوضات الحاصلة بينهما”.
وعن إمكان تحمّل لبنان واللبنانيين لحرب استنزاف طويلة جراء “قواعد الاشتباك”، يرى أن “لبنان كان بحاجة إلى فترة تعافٍ وإلى تنظيم عمل المؤسسات، وإلى إصلاح المؤسسات القضائية والأمنية ليتمكن من الخروج من حالة المرض الاقتصادي الذي يعاني منه، والذي لا يزال يهيمن على المنطقة وعلينا، والذي قد يدخلنا في اللائحة الرمادية ويدخلنا في نفق مظلم طويل الأمد، فمن المؤكد أن لبنان غير قادر على مواجهة أي حرب بشكل مطلق، وليس قادراً على الاستمرار في حال الخلل في مؤسساته من دون حرب، فكيف في حال الحرب، ولا سيما أن أربعة آلاف منزل قد دُمّرت في الجنوب، وحوالى عشرين ألف منزل شبه مدمّر، وأهالي الجنوب مشرّدون ومهجّرون من منازلهم، والدولة عاجزة عن القيام بالحدّ الأدنى من مسؤولياتها، والتي هي انتخاب رئيس للجمهورية والبلديات، وإصلاح القطاع الصحي والتربوي والقيام بالخدمات البسيطة المطلوبة، لذا نحن نعيش مرحلة من أصعب المراحل في تاريخ لبنان”.
وعما ترتكبه “إسرائيل” في الضفة الغربية، يقول إن “هناك ثلاث كلمات لثلاثة مسؤولين، أولهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي قال مع بداية السابع من تشرين كلمته الشهيرة لا للتهجير، ومن ثم السفير السعودي في اليابان قال أيضاً لا للتهجير، وأيضاً السيد حسن نصرالله الذي قال لا للتهجير، ثلاثة أقطاب مختلفين رفضوا التهجير، ما يدلّ على أن فكرة التهجير واردة وموجودة، ويبدو أننا اليوم نعيش بوادرها بعدما غيّروا تضاريس غزة، ودمّروها عن بكرة أبيها، بحيث أصبح اليوم بمقدور الجيش الصهيوني بدء مرحلته الثانية، ولو أنه لم يعلن عنها، ومن الواضح أن الولايات المتحدة الأميركية تعيش فترة انتظار الانتخابات في تشرين الثاني المقبل، ولكن بمقدور أميركا أن تخضع إسرائيل لوقف هذه المجازر التي تحصل، ولكننا نسمع كلاماً ولا نرى أفعالاً، ومن الواضح أن الأمور انطلقت من جنين وهذه دلالة على أن الخطة، وإن تأخرت، إنما الصهاينة مستمرين فيها”.
وحول الرئاسة، يشدّد على أن “رئاسة الجمهورية رُبطت للأسف بأزمة غزة، وهذا واضح، ونحن كان بإمكاننا مساعدة غزة أكثر لو أننا أصلحنا بيتنا الداخلي، فالمطلوب اليوم وحدة وطنية والتفكير بناسنا وببلدنا لنتمكن من النهوض مجدداً، ولا سيما أن كل القطاعات منهكة، فعلى القيادات السياسية العمل لانتخاب الرئيس بأسرع وقت للحفاظ على ما تبقى من هيبة الدولة”.
وعن استسلام السياسيين وترحيل الإستحقاقات الدستورية، يرى أن “هناك عنصرين وراء ذلك، الأول هو ارتهان الأحزاب الكبرى للخارج والمصالح الخارجية، بحيث بتنا نعيش فترة لعبة الأمم جراء موقعنا الجغرافي في لبنان، والثاني يتمثل بالسياسيين الموجودين اليوم الذين ارتهنوا وموجودين في حضن الدول الكبرى”.
وعن حراك “الخماسية” المستجدّ، يقول ياسين “لو بدا تشتي غيّمت، فإذا كان أحدهم بشراكة مع شخص آخر، وهذا الشخص نظيف الكف، فهو لا بد أن يضع مصلحته أولاً وقبل مصلحتك، فمن المؤكد أن مصلحة دول سفراء الخماسية هي أولاً وقبل مصلحة لبنان، لأنه لن يفكر بمصلحة لبنان إلاّ اللبنانيين، ويجب أن ننطلق من المجلس النيابي لأن الوكالة التي أعطانا إياها الشعب اللبناني تفرض علينا انتخاب الرئيس لأن هذا واجب على المسؤولين، فالشعب اللبناني يريد الخدمات الأساسية، ويريد تأمين مستلزمات العيش الكريم له ولا يهمّه من يقاطع ومن يؤيد هذه الجهة السياسية أو تلك”.