“كلّ الصيغ الحكوميّة والتسميات المتداولة هي تكهّنات وتخيّلات”
ينطلق النائب “التغييري” ياسين ياسين، في مقاربة استحقاق تأليف حكومة العهد الأولى، من مجموعة محطات مرت بها الساحة الداخلية قبل الوصول إلى المرحلة الراهنة، أبرزها “الانهيار المالي والشغور الرئاسي لأكثر من عامين ثم الحرب، وتلتها اليوم محطة الإنجازات المتمثلة بانتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، وتكليف الرئيس نواف سلام بتشكيل الحكومة، إلى المواصفات الوزارية التي حددها الرئيسان، والبيان الوزاري وتوزيع الحقائب”.
وعن محطة تأليف الحكومة، يكشف لـ “الديار” عن “مواصفات حددها الرئيس المكلف، وهي أن لا يكون الوزير نائباً أو مرشحاً مستقبلياً للإنتخابات النيابية، أو حزبياً أو وزيراً سابقاً، على أن يكون كفوءاً ونزيهاً، علماً أن الرئيس سلام ليس صندوق بريد في عملية التأليف، إنما هذه العملية تسير بالنقاش والاستشارات غير الملزمة والحوار بينه وبين الأحزاب السياسية”.
ومن بين المحطات يتحدث عن “الأصعب فيها، وهو توزيع الحقائب، الذي يشهد مداً وجزراً ومتغيرات يومية، حيث أن الرئيس سلام تحدث مرتين، الأولى لدى تكليفه وبالأمس حيث أكد الثبات على موقفه، وهو يتحدث في السر ما يقول به في العلن، لأنه لا يسير بخارطة طريق مرسومة، ووفق الأصول الديموقراطية، فإن عملية التشكيل تتم بين الرئيسين عون وسلام، على أن تحصل الحكومة على الثقة من المجلس النيابي بناءً على مشروعها، إنما المشكلات عديدة والحلول سياسية وتبدأ بالإصلاح السياسي وفق خطاب القسم، كما أنه على السياسيين أن يتعودوا النهج الجديد الذي يسير عليه الرئيسان عون وسلام، وهو التعاون بتشكيل حكومة فاعلة تعمل على إنجاح العهد ونجاح الحكومة في آن، والتي ستستمر فقط لفترة عامين ونصف”.
وحول المرحلة التي وصلت إليها عملية التأليف، يشير إلى أن “كل ما تم التداول به من تشكيلات أو أسماء، لا تتعدى كونها تكهنات وتخيلات من نسيج من يهمه أن يسلط الأضواء على أسماء معينة، فالرئيس نواف، وليس سراً، يدرس السيرة الذاتية لكل مرشح ويبحث عن الخبرات والشهادات العالية”.
ويكشف عن “طريقتين لتشكيل الحكومة، الأولى هي حكومة محاصصة وتكون سياسية بحتة ويسمونها حكومة وحدة وطنية ولكنها ليست كذلك بل هي حكومة اختلافات سياسية من أجل الإيحاء للمنظومة الدولية بأن هناك دولة ومؤسسات ولكنها مشوهة، بينما الثانية هي حكومة وطنية كفوءة قادرة على نيل ثقة البرلمان والشعي بأدائها وبالإصلاحات التي ستقوم بها”.
ويؤكد أن “قوى التغيير معنيّة بالتشكيل، لأن الرئيس سلام، هو الإسم الذي طرحناه في ثورة 17 تشرين وقد وصل إلى رئاسة الحكومة”.
وحول احتمالات أن تؤدي العقبات التي تعترض التأليف إلى اعتذار الرئيس سلام، يقول إن “ما أوصل الرئيس عون هو المعايير والمواصفات وما أوصل الرئيس سلام هو أننا عملنا كلنا مع الشعب اللبناني خلال 36 ساعة على مواجهة تسونامي ميقاتي، ولذلك، فإن اعتذار سلام غير وارد، فهو قاضٍ على مستوى دولي وأصدر حكماً ضد نتنياهو، وقد استقال من أعلى منصب قانوني في العالم، وهو مدرك سلفاً لكل الصعوبات التي ستواجهه في مهمته، ولن يعتذر، ونحن ندعمه ونلتقيه أحياناً لتأكيد هذا الدعم، ونتوقع نهاية جيدة، ولكن يجب منحه الوقت لأن مهمته صعبة”.
وعن توقيت ولادة الحكومة، يتحدث عن “واقع سياسي في البلد وعن متغيرات دراماتيكية في المنطقة” مؤكداً أن “لبنان ما زال في دائرة الخطر ويواجه سيناريوهين إما بناء الدولة أو الذهاب نحو المجهول، والمجهول يعني عدم تنفيذ الـ 1701 والإنهيار والحرب والتهجير وسقوط الدولة اللبنانية من المنظومة الدولية وسقوط كل المعاهدات الدولية ونسف علاقات لبنان مع الخارج، وهنا على كل اللبنانيين أن يدركوا أنه إن لم يحصل انتظام للعمل السياسي في لبنان، فإن لبنان الذي سقط إقتصادياً قد يسقط سياسياً من الخارطة السياسية الدولية، وهو ما سيؤثر على كل شيء وقد حصل في دول أخرى”.
وعن مواجهة هذا السيناريو، يؤكد “أنها تتم عبر تشكيل حكومة، لأن لبنان ما زال في دائرة الخطر الإسرائيلي، والـ 1701 من الممكن أن يسقط في أي وقت، وقد واجهنا تحديات انتخاب عون وتكليف سلام”.
وحول زيارة وزير الخارجية السعودي إلى لبنان، يرى ياسين أنها “تعني أن لبنان يعود إلى الحضن العربي بعد انقطاع منذ العام 2016 وأن لبنان يملك فرصة التعافي الإقتصادي والوصول إلى الأمان، فوزير الخارجية يأتي بعد 15 عاماً والسعودية كانت تدعم لبنان على الدوام، والزيارة رسالة قوية بمعنى التأكيد على الفرصة المتاحة لعودة لبنان الدولة”.