Site icon IMLebanon

2019… عهد طائفي وشعب ثائر

 

إذا لم تحصل أي “عجيبة” لتشكيل حكومة الرئيس المكلّف حسان دياب خلال الساعات المقبلة فإن نهاية العام 2019 لن تختلف عن نهاية الـ 2018 بـ”لا حكومة”.

 

مرّ العام ولم تحقّق السلطة أي شيء يُذكر للمواطنين، سوى أنها قامت بواجبها (إقرار موازنة 2019) وشبه الاعلان عن إنجاز موازنة 2020 على الورق بعد مسرحيات شعبوية بلا طائل، أما الشعب فسجّل سابقة تاريخية تمثلت بثورة “17 تشرين” المستمرة إلى العام المقبل وتزامنت مع وصول البلاد إلى عمق الانهيار الاقتصادي، والتداول بمصطلح “المجاعة”.

 

في عودة سريعة لشريط الأحداث اللبنانية منذ بداية العام، يتضح أن القوى السياسية أمضت عامها. فبعد تشكيل حكومة “إلى العمل” استعجل تكتل “لبنان القوي” عبر الوزير صالح الغريب لخرق البيان الوزاري بزيارة إلى سوريا لم تؤدّ إلى أي نتيجة ايجابية تُذكر في ملف اللاجئين السوريين، وأكمل مسيرة الخروق الوزير الياس بوصعب بتصريحات تُناقض وعد رئيس الجمهورية مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، ليتوّج الخرق الأكبر بخطابات للوزير جبران باسيل من منبر الجامعة العربية خلال انعقاد دورتها الاقتصادية في بيروت، لا تمثل كل اللبنانيين وتتجاوز البيان الوزاري الذي التزم المبادرة الروسية، علماً أن الروس أنفسهم ربطوا عودة اللاجئين بالظروف المؤاتية في سوريا، فيما نجح الرئيس سعد الحريري في كسب الدعم خلال مؤتمر “بروكسل للاجئين”.

 

وفي العام نفسه الذي رحل فيه البطريرك مار نصرالله بطرس صفير راعي المصالحة في الجبل، كانت قبرشمون تدفع ثمن الخطابات الطائفية المتنقلة للوزير باسيل. ففي البقاع تحدث عن “الجثة المارونية والحريرية السياسية”، وفي الشحار طالب باستعادة “عظام المسيحيين”، وفشلت محاولات محاصرة رئيس “التقدمي” وليد جنبلاط بإحالة القضية إلى المجلس العدلي. كما احتل السجال الطائفي فترة من الـ 2019 بعدما قرر رئيس الجمهورية تفسير المادة 95، التي تعطل على إثرها توظيف الناجحين بمجلس الخدمة المدنية.

 

أما “حزب الله” فكان مستمراً بسياسة استخدام لبنان كصندوق بريد لمصلحة إيران، فجاء الاعتداء الاسرائيلي على الضاحية الجنوبية بطائرتين مسيّرتين، وعاد ورد بتدمير آلية عسكرية. وسجل العام زيارات متتالية للموفد الأميركي ديفيد ساترفيلد لم تفلح في خرق جدار ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وورث الملف ديفيد شينكر. زار وزير الخارجية مايك بومبيو لبنان الذي شهد مسيرة من العقوبات على “حزب الله” ومموليه، وأبرزها إدراج النائبين محمد رعد وأمين شري والقيادي وفيق صفا على لائحة العقوبات، وتبعها “جمّال ترست بنك”. الخرق الوحيد لبنانياً، بين الأميركي والإيراني كان بإطلاق سراح نزار زكا. وسجُل أيضاً انشغال الرأي العام بـ”استقالة” النائب نواف الموسوي جراء الدفاع عن حق ابنته وغاب عن المشهد. كما سجّل دخول العميل عامر الفاخوري وتحوله إلى قضية سُحبت سريعاً من التداول بعد توقيفه.

 

لتأتي اللحظة الحاسمة بـ”لبنان يحترق” جرّاء الحرائق التي طاولت مناطق لبنانية عدة، واستكملت بانتفاضة إثر القرار غير المسؤول بإضافة ضريبة على مستخدمي “الواتساب”، لتنطلق ثورة “17 تشرين” وتقلب الطاولة على القوى السياسية، فسجّلت الاستجابة السريعة من الحريري بالاستقالة تلبية لمطالب الشعب، ويدخل لبنان مرحلة جديدة يريد فيها باسيل إدارة البلد بتكليف حسان دياب لتشكيل حكومة من لون واحد أطلقوا عليها اسم “اختصاصيين”. والسؤال: ماذا حققت الدولة للّبنانيين هذا العام؟ لا شيء سوى أنها تدفعهم إلى “المجاعة”.