ينطلق العام الجديد حاملاً معه آمال اللبنانيين بأن تأخذ قياداتهم السياسية العِبَر من أخطائهم في العام الذي انصرم، والتي استولدت أزمات ومآسي متعددة الأوجه، وعاصية على الحل، بدءاً بالفراغ في رئاسة الجمهورية مروراً بتعذّر إجراء انتخابات تشريعية، وانتهاءً بالتردي الاقتصادي الذي لامس حدود الإفلاس وليس آخراً بالفوضى العارمة التي شلّت كل مؤسسات الدولة ناهيك عن الاضطرابات الأمنية التي عجزت الدولة بكل أجهزتها عن لجمها أو حصرها في الحدود التي لا تهدّد الكيان.
وهذه الآمال معلقة على الحوار الإسلامي – الإسلامي الذي بدأ أواخر العام الماضي والذي سيستكمل مطلع العام الجديد والذي يقابله الحوار المسيحي – المسيحي الذي استكملت الأرضية لانطلاقته في خلال الأيام القليلة القادمة على خلفية دفن خلافات الماضي وفتح صفحة جديدة تلتقي مع الحوار الإسلامي – الإسلامي لإخراج لبنان من المآسي التي تراكمت في العام المنصرم عن طريق تجاوز الخلافات التي حالت دون الوصول الى تفاهمات جدية تخرج البلد من أزماته العالقة وتؤسس لعملية استقرار شامل لا يكون للعامل الخارجي أي تأثير مباشر عليه، وبمعنى آخر لبننة الحلول للأزمات العالقة بمعزل عن الخارج الذي ثبت أنه يستخدم لبنان أوراقاً إضافية في لعبة المصالح الإقليمية والدولية.
ووفق المعلومات المتوافرة حتى أوائل العام الجديد، فقد قطعت الاتصالات الجارية بين التيار الوطني الحر بقيادة النائب ميشال عون وحزب القوات اللبنانية بقيادة الدكتور سمير جعجع شوطاً متقدماً جداً حسب تعبير أحد مسؤولي التيار يمكن أن يبنى على أساسه احتمال حصول اللقاء بين عون وجعجع قبل منتصف الشهر الجاري، ما لم تحصل تطورات غير محسوبة، مع التأكيد على أن الفريقين تجاوزا الشروط المسبقة، ولامسا في مفاوضاتهما التي لم تنقطع حدود الاتفاق على جدول أعمال الحوار المنتظر ومن أولوياته الاتفاق على تسريع انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعيد ثقة المسيحيين ببلدهم، وينهي حالة القلق والهواجس الناجمة عند المسيحيين بسبب تعثر انتخاب الرئيس حتى الآن.
ولا يقلل هذا المسؤول من أهمية الحوار الإسلامي – الإسلامي بين المكونين الأساسيين حزب الله وتيار المستقبل وتأثيره الإيجابي على مسار الاستحقاق الرئاسي الذي لا يعني المسيحيين وحدهم ولا المسلمين وحدهم، بقدر ما يشكل قاسماً مشتركاً بين الاثنين، بحيث يشكلان معاً، أعمدة الجمهورية ورئاستها.
ويؤكد هذا المسؤول أن تفاؤله بالنسبة الى الحوار المسيحي – المسيحي الذي لم يبدأ اليوم، بل يعود الى بضعة أشهر سابقة، لا يقل عن تفاؤله بالحوار الإسلامي – الإسلامي الذي مهد له عبر اتصالات ومشاورات تعود الى أشهر سابقة حتى لا يكون مجرد محاولة لتنفيس الاحتقان بين السنّة والشيعة، بل ليشكل قاعدة لانطلاق تسوية شاملة لا تقتصر فقط على انتخاب رئيس للجمهورية بل على إطلاق مسار الحل الشامل للمسائل الخلافية من خلال مؤتمر وطني برئاسة الرئيس المنتخب ومشاركة كل المكونات اللبنانية.
باختصار، فإن الاجواء السائدة مع قدوم العام الجديد تنبئ باقتراب خروج لبنان من مأزق العام الذي ودّعه اللبنانيون غير آسفين.