IMLebanon

سنوات الربيع العربي  تقود الى داعش

أربع سنوات من عمر الربيع العربي تبدو كأنها دهر. ليس فقط لكثرة الأحداث فيها بل أيضاً للارتداد البعيد والعميق الى الوراء، بعد أحلام التحرك الى الأمام. فلا محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه في سيدي بوزيد كان في ذهنه أنه يفتتح تفجير الغضب في العالم العربي واشعال النار في ثياب الحكام المخيفين. ولا الشبان والصبايا الذين اندفعوا الى الشوارع من أجل الكرامة والخبز والحرية في دولة مدنية كانوا يحسبون أن من سيقطف ثمرة الحراك هم أهل الدولة الأمنية وجماعة الدولة الدينية بالتواطؤ أو بالصراع. ولا كان من المفاجآت أن يبدو أكثر من حاكم على استعداد لإحراق بلدانهم.

والمشهد مخيف، وإن قيل ان الحكام صاروا خائفين من شعوبهم. فالتجربة الديمقراطية الواعدة في تونس هي الاستثناء من القاعدة، كأن ما بدأ في تونس حافظ على نفسه في تونس وحدها. والبقية انتفاضات مهدورة أو مقموعة أو مسروقة. ليبيا في حرب أهلية تمولها وتسلحها قوى اقليمية.

اليمن ضيع حراك الشباب السلمي، وبدا على طريق العودة الى الإمامة بعد التقدم العسكري المذهل للحوثيين بدعم ايراني وبالتحالف مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي خاض ضدهم ست حروب، بحيث صار الرئيس هادي وحكومته قوة هامشية وسط القتال بين أنصار الله الحوثيين وأنصار الشريعة التابعين للقاعدة. مصر قلبت صفحة الاخوان المسلمين، ولكن بمعاودة القراءة في كتاب الجيش. سوريا مهدمة ونصف شعبها نازح في حرب لا أحد يعرف متى وكيف تنتهي. العراق مأساة متغيرة الفصول. وداعش يعلن الخلافة في أجزاء من العراق وسوريا ويهدد لبنان والأردن والسعودية ويصل في التهديد الى تونس بحجة انقاذها من كفر الانتخابات والديمقراطية.

ولا شيء يتقدم حالياً على محاربة داعش والارهاب. لكن حرب التحالف الدولي بقيادة أميركا تؤذي داعش قليلاً وتزيد من التعاطف معه في بعض البيئات. وحرب ايران والمنظمات الحليفة لها تأخذ، مهما تكن القضايا المطروحة في الصراع الجيوسياسي، طابع الصراع المذهبي. عصبية في مواجهة عصبية. ولا مجال لربح الحرب على داعش الا في اطار وطني وقومي.

مفهوم ان في مسار الثورات طلعات ونزلات، وان الانتقال من الاستبداد الى الديمقراطية مسألة معقدة وطويلة. ولو لم يحدث الربيع العربي لوجب إحداثه برغم كل شيء. لكن الواقع أن العالم العربي الذي شهد الكثير من الانقلابات والانتفاضات التي لها بعض ملامح الثورات، لم يشهد أية ثورة بمعناها الحقيقي: بناء الدولة وتغيير المجتمع، لا فقط السلطة.