كل المؤشرات السياسية والميدانية تبين ان سنة 2016 سوف تكون مرآة لسنة 2015، أي اننا سنرى سنة جديدة يستمر فيها انهيار النظام السياسي العربي الهش في سوريا والعراق واليمن وليبيا وذلك على رغم الحديث عن طروحات سياسية لحلول سلمية للنزاعات والحروب التي تشهدها هذه الدول.
مع دخول الرئيس اوباما سنته الثامنة الاخيرة في البيت الابيض يستطيع ان ينظر الى 2015 على انها أفضل وأسوأ سنة له في الشرق الاوسط. خلالها حقق انجازه الوحيد في المنطقة، أي الاتفاق النووي مع ايران الذي سيضمن، اذا نفذ الجميع التزاماتهم، عدم تطوير ايران سلاحاً نووياً لفترة تراوح بين 10 و15 سنة. وهذا انجاز مهم وان يكن محدوداً، لأنه لم ولن يؤدي في أي وقت قريب الى فتح صفحة جديدة بين واشنطن وطهران، والاهم من ذلك لان واشنطن وحلفاءها لم يتصدوا بما فيه الكفاية لايران ويردعوا سياساتها السلبية في العراق وسوريا واليمن. اوباما ومساعدوه كانوا يتخوفون من ان يؤدي أي ضغط اضافي على ايران الى دفعها الى الانسحاب من المفاوضات النووية، وهو تخوف لم يكن في محله. في 2015 انهارت اسعار النفط، ومن المستبعد ان تعود الى ما كانت في بداية السنة في أي وقت قريب مع ما يعنيه ذلك من تحديات كبيرة لدول الخليج.
لكن 2015 كانت أيضاً من أسوأ سني أوباما في الشرق الاوسط. ومع ان العالم اكتشف فظاعات “الدولة الاسلامية” (داعش) في 2014 حين احتلت الموصل، ثانية كبرى المدن العراقية، فانه يمكن القول إن 2015 هي سنة “داعش” في سوريا والعراق بامتياز، إذ صمد هذا التنظيم في وجه حرب جوية تشنها واشنطن وحلفاؤها منذ أكثر من 12 شهراً. في 2015 زاد عدد قتلى حروب سوريا عن 300 الف، ووصل عدد اللاجئين الذين دخلوا أوروبا الى مليون، نصفهم سوريون. والتطور الاهم كان دخول روسيا الحرب الجوية ضد القوى والتنظيمات التي تحارب نظام الاسد، وهذا تطور سلبي سيؤدي الى اطالة أمد الحرب وتعقيدها.
في 2016 سوف تستمر أعمال العنف في سوريا والعراق واليمن لان الاطراف المتقاتلين لم يصلوا بعد الى مرحلة الانهاك الكامل، ولان الدول الاقليمية والدولية المعنية بالقتال لن ترسل قوات برية كافية لهزيمة “داعش”. والمؤشرات تبين أيضاً ان مضاعفات انهيار أسعار النفط سوف تتخطى الدول المنتجة في الخليج لتصل الى دول أخرى منها لبنان والاردن وسوف ترغم الجميع على قطع الانفاق بطرق غير مسبوقة مع ما يعنيه ذلك من مجازفات سياسية خطرة.