IMLebanon

اليمن كبديل إيراني من سوريا؟

كان الأحرى بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ان يتلو بياناً عن الرضوخ وقبول “اتفاق الأمر الواقع” الذي تمكن الحوثيون من فرضه بعدما اجتاحوا صنعاء، لا عن نجاح الافرقاء السياسيين في التوصل الى “اتفاق تاريخي يضمن بقاء البلاد” وان على جميع الأطراف العمل معاً والمضي قدماً.

اتفاق تاريخي؟

لا، فالصحيح ان “اليمن السعيد” بات من التاريخ، والدليل ان هناك شكوكاً عميقة حول الاتفاق وما إذا كان سينهي الأزمة او سيعمّقها ويشعّبها، اولاً لأن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر كان قد اعلن عن اتفاق مماثل ليل السبت ولم يستمر حتى صباح الأحد، وثانياً لأنه بعد ساعات على توقيع الاتفاق أرسل الحوثيون تعزيزات عسكرية الى صنعاء بدلاً من انهاء المظاهر المسلحة.

واضح ان اتفاق الأمر الواقع بعد الإطباق على صنعاء يفرض هيمنة حوثية – ايرانية ستفضي الى فتح جبهتين للصراع:

– جبهة في الجنوب الذي سيؤول حتماً الى الانفصال على يد الاسلاميين الناشطين فيه اي “الاخوان المسلمين” و”القاعدة” والذين لن يلبثوا ان يقعوا في التناحر على الطريقة الصومالية.

– جبهة الشمال الذي لن يتمكن الحوثيون من السيطرة عليه كله، وفرض الهدوء على مكوناته السنّية التي ستتحول الى المقاومة ضدهم. صحيح ان الرجل القوي علي محسن الأحمر فرّ من صنعاء وأعلن الحوثيون انه بات مطلوباً للعدالة، لكن ليس صحيحاً ان قبيلة آل الأحمر التي طالما كانت لاعباً قوياً في اليمن سترضخ للأمر الواقع، ثم ان “حزب التجمع اليمني للإصلاح” الذي يقوده السلفي المتشدد عبد المجيد الزنداني لن يلبث ان ينضم الى الصراع ضد الحوثيين.

أضف ان ما فرقته بداية الازمة قد تعيد نهايتها الراهنة جمعه، بمعنى ان الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي يملك كثيراً من عناصر القوة في النسيج القبلي اليمني، والذي دعم الحوثيين انتقاماً من الاتفاق الذي أبعده عن السلطة، لن يلبث ان يدير بنادقه في اتجاه الحوثيين الذين سبق له ان اشتبك معهم في ست حروب يوم كان في السلطة.

واضح ان استعجال اقتحام صنعاء وفرض الأمر الواقع الايراني، يأتي في سياق حسابات ايرانية تهدف الى فرض معادلة “اليمن في مقابل سوريا”، بمعنى ان طهران، التي تتحسب لخسارة النظام السوري المرفوض في الحرب على “داعش”، تغتاظ من دور السعودية المتقدم في التحالف الدولي، وخصوصاً لجهة تدريب “الجيش السوري الحر”.

ولكن اليمن لن يكون بديلاً ايرانياً من سوريا وسيبقى بؤرة حروب وصراعات… وهو أمر يعرفه جيداً الأمير سعود الفيصل ونظيره محمد جواد ظريف، على رغم كلامهما الإيجابي امس بعد اجتماعهما لمدة ساعة في الامم المتحدة!