Site icon IMLebanon

اليمن «كسر» العنق الإيراني

لم تكشف إيران عن وجهها في اليمن إلا في العام 2003 مع سقوط العراق ـ الذي قدّمت إيران خدمات جليلة لأميركا خلال الحرب عليه ونثرت الفتاوى التي تُحرّم قتال الأميركيين ـ وهذه الازدواجيّة الإيرانيّة استغرق العالم العربي وقتاً لاستيعابها للأسف، فمع بدء الحرب على العراق أطلق تنظيم «الشباب المؤمن» تظاهرة أمام السفارة الأميركية، رفعوا فيها الشعار الإيراني: «الموت لأميركا الموت لإسرائيل» وهو «هويّة» إيرانيّة يعرفها لبنان أكثر من أي دولة عربية أخرى بفضل حزب إيران في لبنان.

وللذاكرة فقط سبق وأطلق المرشد الإيراني علي الخامنئي عبر إذاعة طهران، خلال ما عرف بالحرب السادسة مع الحوثيين، نداءً «حذر فيه النظام اليمني من مغبة اضطهاد الشيعة في اليمن، معتبراً أن إفراط النظام اليمني في استخدام القوة ضد الشيعة العزّل [بحسب وصفه] في «صعدة» هو اضطهاد لهم واستعراض للقوة بغرض إرضاء أطراف خارجية والهروب من مشاكل يعاني منها النظام اليمني «ويومها طالب في انفصام وازدواجية سياسيّة، المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتدخل في «صعدة» على غرار تدخل القوات الدولية في دارفور بالسودان!!

وللمناسبة، يمثل الشيعة أقلية في اليمن، ويغلب عليهم المذهب الزيدي، وبحسب تقرير الحرية الدينية في العالم لعام 2006، الذي تصدره وزارة الخارجية الأميركية، لا تزيد نسبتهم عن 30 في المئة من إجمالي سكان اليمن، الذي يبلغ 20 مليوناً تقريباً. كما يوجد في اليمن شيعة إسماعيلية يبلغ عددهم نحو بضعة آلاف وفقاً للتقرير نفسه، وتقدر مصادر أخرى نسبتهم بنحو 2 في المائة من إجمالي السكان… وتاريخياً؛ لم  تخلُ يوماً ظاهرة التطرّف والمغالاة في التشيّع في اليمن من تأثير خارجي منذ القدم، بحسب الدارسين، إذ يؤكّد كثيرون منهم أنه كان يفِدْ إلى اليمن بعض الأفراد أو الجماعات من فارس (إيران) لغرض سياحة أو تجارة أو نحو ذلك، ثم يعمدون أثناء إقامتهم باليمن إلى نشر مذهبهم (الإمامي) في أوساط العامة [عبدالله السريحي، محقّق ودارس كتاب أدب الطلب ومنتهى الأرب للشوكاني، ص 62، 1419هـ- 1998، الطبعة الأولى، بيروت: دار ابن حزم].

وللذاكرة أيضاً، وللتاريخ، سبق وكتبنا في العام 2009 في الحادي عشر من تشرين الثاني أربعة مقالات في هذا الهامش تحت عنوان «يمن خوش هال»، كان سببها انكشاف مخطط إيرانيّ لليمن يؤكد أنه و»خلال المعارك الدائرة منذ آب الماضي في صعدة عثر الجيش اليمني على  وثائق في مواقع للحوثيين استولى عليها أكدت وجود خطة إسمها: «يمن خوش هال»، وتتضمن تدريب الحوثيين على العبوات الناسفة والتحريك الجماهيري، وشراء الولاء القبلي و»الانفتاح» على الحراك الانفصالي في المحافظات الجنوبية و»ربطه» مع المسار الحوثي، ثم تجمّعت عوامل أخرى لتؤكد أن إيران تنفّذ مخططاً يمرّ عبر اليمن لزعزعة الاستقرار في المملكة العربية السعودية تمهيداً لوضع اليد على أرض الحجاز… وكانت أعداد من أتباع بدر الدين الحوثي الذين استسلموا أثناء المواجهات مع الجيش اليمني أكدوا قيامهم بالتدرب في معسكرات تابعة للحرس الثوري الإيراني مع عناصر فيلق بدر التابع للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية بالعراق بعد سقوط بغداد، وكذلك في معسكرات يتخذها الفيلق في العراق منذ منتصف العام 2003»…

بعد سنوات ست على نشر تلك المقالات، نظرة على أحداث اليمن اليوم تؤكّد أن المخطط الإيراني قديم، وأنّه ككلّ المؤامرات التي تحيكها إيران لكلّ دولة عربية على حدة، يبقى  حزب الله المحور الأساسي فيها واليد الطولى في تنفيذها، وأن كسر العنق الإيراني في اليمن، لا بُدّ من أن يترافق معه كسر اليد الإيرانيّة في سوريا أولاً ثم في لبنان الذي ما زال حتى الساعة يدفع ثمناً باهظاً لتغاضي الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية طوال ثلاثين عاماً عن حزب الله رأس حربة المشروع الإيراني في لبنان الذي يجتاح اليوم المنطقة وإن بأسماء أخرى مستعارة، وصولاً إلى إعلان «الجمهورية الإسلامية» في كلّ منها!!