حين تصبح كل حروب المنطقة.. «شأناً محلياً»
أزمة اليمن تمدّد الفراغ الرئاسي في لبنان!
تحول اليمن بسرعة قياسية الى شأن داخلي لبناني. انقسم اللبنانيون وفق «هورمونات» غرائزهم بين مؤيد لـ «عاصفة الحزم» ومعارض لها. ارتفع منسوب العروبة فجأة في خطاب من كان «يتحسس» منها، في أقل توصيف. ومن شهَر موقفه من دون لبس أو قفازات قال «إنه ردّ المحور السني على التدخل الإيراني (الشيعي) المتمادي في شؤون دول المنطقة».
نضحت الطائفية والمذهبية في مواقف عامة الناس وسلوكياتهم. اما الطبقة السياسية، فلم تكن اكثر حكمة بكثير. بعيدا عن انقسام المواقف المعلنة والمنحازة الى احد المعسكرين، او تلك التي تطمح للنأي بنفسها وبلبنان عن ازمات المنطقة، ماذا يهمس السياسيون في مجالسهم؟ كيف يقرأون تداعيات هذه الحرب على لبنان؟ وهل يمكننا تجنب ارتداداتها؟
في محاولة معرفة آراء ابرز الكتل السياسية، يبدو ان التقاطع الوحيد الذي يلتقون عنده هو ان «الانتخابات الرئاسية في لبنان دُفعت الى اجل غير مسمّى». في تحليلاتهم أن «لا أحد من الدول المؤثرة تضع في أولوياتها اليوم البحث عن توافق على رئيس للجمهورية اللبنانية. وعليه اولى ارتدادات حرب اليمن ستكون التمديد المفتوح للفراغ».
كان «تيار المستقبل» أول المعلّقين على الحرب. لم يخف تأييده للعملية العسكرية في اليمن. من الرئيس سعد الحريري في الرياض الى الوزير نهاد المشنوق في واشنطن الى الوزير أشرف ريفي في بيروت، كما معظم النواب، تغيرت المفردات ولم يتغير مضمون التأييد ونظرية «استعادة التوازن».
يعتبر احد نواب «المستقبل» ان «الحل اليوم بيد ايران. فإما تتعقل وتجلس الى طاولة الحوار والمفاوضات وتتوقف عن التدخل السلبي في كل دول المنطقة، وإما تشعل حروب داحس والغبراء التي لن يسلم منها بلد في المنطقة». يبدي النائب نفسه «تخوفا من ان يكون السيناريو الايراني المرسوم للمنطقة يتمحور على تعزيز الحروب والخلافات تحت مسميات واعذار مختلفة لكن هدفها الاساسي هو توسيع النفوذ الفارسي».
يقر النائب انه «لا بد من حوار ومفاوضات داخل كل بلد لاعطاء كل القوى والاحزاب والطوائف حقوقها، لكن ذلك يتم تحت سقف الشرعية الدستورية والشعبية والاخلاقية واحترام الشرع والقوانين الدولية. ينسحب ذلك على كل دول المنطقة، ومنها اليمن».
ولكن هل ستلفح رياح «عاصفة الحزم» لبنان؟ يجيب النائب متخوفا من «مغامرات بعض القوى وحساباتها وخضوعها لرغبات وارادات خارجية، غير أن قياديا في «تيار المستقبل» يناقض الى حد ما كلام النائب المذكور. فهو يستبعد اي انعكاس مباشر للحرب اليمنية على لبنان، معتبرا ان «كل الافرقاء سيسجلون مواقفهم ويعلنون انحيازهم الى جانب هذا الفريق او ذاك، لكن الجميع حريص على ابقاء الاوضاع في لبنان هادئة وممسوكة. حتى الدول لا تريد جبهة عسكرية اضافية وسط جبهات المواجهة المتعددة من سوريا الى العراق واليمن. لقد سددنا فاتورتنا من هذه الحروب. ولا اظن ان احدا يريد اغراق البلد في فتنة قد نعلم كيف تبدأ لكننا حكما لا نعرف ان كان يمكن ان تنتهي وكيف. قد ترتفع بعض الاصوات مهوّلة لكنها لن تذهب ابعد من ذلك».
يلتقي «المستقبليان» في القول إن الازمة الحقيقية تتمثل في غياب اي امل بانتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور، «وبالتالي سيكون البلد امام استحقاقات داخلية متعددة لا بد من ايجاد مخارج وتسويات لها».