IMLebanon

اليمن… من سد الفراغ الى صراع وجود

شَلل في كل مرافق الدولة، وشروط متبادلة جعلت كل المساعي السياسية أشبَه بحوار طرشان، وعوامل خارجية باتت تتحكّم بالعباد والبلاد، فأغرقتها في أتون النزاعات السياسية والقبلية والطائفية. باختصار إنّه حال الأهل في اليمن.

يرى المحلل السياسي اليمني منصور صالح، في حديث خاص لـ»الجمهورية»، أنّ الصراع في اليمن سينتقل من محاولة سدّ الفراغ في السلطة إلى صراع وجود، وذلك بسبب محاولات السيطرة على الجيش عبر دَمج مقاتلي جماعة الحوثي ضمن المؤسّستين العسكرية والأمنية.

ويعتبر صالح أنّ مؤشرات الصراع الطائفي باتت جلية في اكثر من محافظة، كما وأنّ بعض الصراعات خلقت علاقة متينة ومعلنة بين «القاعدة» والقبائل كطرف سني في مواجهة المد الشيعي الحوثي.

ولا يستبعد أن تجد القاعدة حاضنة أكثر أماناً، خصوصاً أنّ هذه حالة ملموسة في محافظتي البيضاء ومأرب حيث أضحَت «القاعدة» أكثر قرباً إلى المجتمع المحلي، وهذا ما سيجعل حسم المعركة معها أمراً صعباً، إن لم يكن مستحيلاً.

ويؤكد أنّ العوامل الخارجية أدّت دوراً مهماً في تحريك الأوضاع في اليمن، حتى أنّ الكثير من القوى السياسية اليمنية أصبحت وكلاء حرب لقوى خارجية تتصارع على النفوذ في البلاد.

ويضيف: في الحالة الراهنة لا يمكن إغفال الدور الإيراني الداعم بقوة لجماعة «أنصار الله»، وهو دعم نوعي مَكّنها من بسط نفوذها بسرعة على مساحات شاسعة من الأرض اليمنية، فابتلعت الدولة اليمنية ومؤسساتها في زمن قياسي وبأقلّ عدد من الضحايا».

وفي ما يتعلق بقضية الجنوب، يرى صالح أنّ الاحداث الاخيرة تمثّل فرصة كان يجب على الجنوبيين استغلالها بشكل أكثر ايجابية، خصوصاً أنّ معظم القيادات الجنوبية في سلطة صنعاء والأحزاب في الجنوب قد راجعت مواقفها من الوحدة، بعد الذي تعرّض له الرئيس هادي ورئيس حكومته بحاح قبل استقالتيهما وبعدها، كما يمكن للجنوبيين استغلال المواقف الإقليمية المناوئة للحوثي بسبب علاقته مع إيران لدعم استقلال الجنوب.

ولكن لا يبدو أنّ الحراك الجنوبي قد حدّد الجهة التي يمكن التعويل عليها خارجياً، كما لا يبدو أنّ أيّ دولة قد قدمت إشارات واضحة يمكن للحراك أن يعوّل عليها.

ويعتبر صالح أنّ الحراك الجنوبي ومنذ انطلاقته كان يعوّل على الداخل وليس على الخارج وربما هذا ما جعله في عزلة، على رغم تصاعد المطالب الجنوبية والتوسّع الكبير في الرقعة الجغرافية التي بات الحراك يستحوذ عليها، والتي وصلت لتغطي كامل مساحته.

ويؤكد أنّ الأوضاع على الساحة اليمنية تصبّ في مصلحة الجنوب، وقد وفّرت له فرصة تاريخية، ربما لن تتكرّر، لفرض الحلول التي يراها مقبولة لقضيته، لكن إلى الآن مرّت 3 أعوام منذ أزمة 2011، ولم يستثمرها الحراك الجنوبي، والظروف الآن أكثر ملائمة، وتحديداً منذ سقوط صنعاء بأيدي الحوثيين.

ويرى أنه لا يزال في إمكان الحراك استثمار تلك الاوضاع، من خلال إقناع دول المحيط الإقليمي بتعديل مواقفها تجاهه، تحت وطأة تأثير مخاوف التهديد الإيراني.

ويشدد على أنّ المستجدات الاخيرة على الساحة اليمنية وما تجده من معارضة إقليمية ودولية، وما أفرزته من اقتناعات باستحالة قيام دولة في اليمن الشمالي، كل ذلك قد يمنح الجنوبيين فرصة تقديم أنفسهم كأصحاب حق يرغبون في استعادة دولتهم المدنية.

ويلفت صالح إلى أنّ الاقتصاد سيكون التحدي الاكبر الذي سيواجه اليمن بعد إصدار الحوثيين إعلانهم الدستوري، وذلك لأنّه يعتمد على الدعم الخارجي، وخصوصاً الخليجي والسعودي.

كما أنّ الدعم الدولي ساعد على تجنّب خطر فشل الدولة لأنّه يقدّم لدعم عملية الانتقال السلمي للسلطة، ما يعني أنه مرشّح للتوقّف، وقد يجد اليمن نفسه تحت حصار وعزلة، وبذلك لن تستطيع السلطة التي يشكلها الحوثيون إيجاد حل لهذه المعضلة.