IMLebanon

اليمن وسوريا وإيران بينهما !

البكاء على اليمن من اجل اليمن واجب، كما انه كلام حق يراد منه حق وليس باطل. اليمن بلد فقير، وشعبه مليء بالعزة والكرامة والشجاعة. لم ينجح احد في قهره ولا تدجينه ولا تطويعه، وهذه الصفات المجتمعة فيه مكنته تاريخيا من التفوّق في استقلاليته. هذا هو الوجه العظيم للشعب اليمني. اما الوجه الآخر لكل هذا، فهو انه بقي أسيراً لما يملكه فبقي محاصراً نفسه بنفسه متقوقعاً بالقَبَليَّة والتخلف الاجتماعي والاقتصادي والعلمي. كل هذا أنتج اكثر الأنظمة تخلُّفا وهو نظام الامامة المتزاوج مع القبلية وشيوخها الذين يسهل شراء ولاءاتهم وبيعها وقد استمر حوالى احدعشر قرنا، حتى اذا جاءت الفرصة للخروج من هذا الجحيم فإنّ مَن أتى كان أسوأ في معظم الأحيان ولا شك ان رأسهم هو الرئيس علي عبدالله صالح الذي تولى الرئاسة وهو بالكاد يعد حتى المئة فإذا به يصل إلى العد بالمليارات. 

فوق كل ذلك، سقط اليمن دون إذن من شعبه في لعبة الامم، ليكون بيدقا صغيرا لا قرار له في كل ما يحصل، فيكتمل تخلفه بدمار واسع وضخم. الشعب اليمني مظلوم في كل ما يتلقاه. في حرب مثل هذه «حرب صفر» خسائر مستحيلة. لكن يوجد فرق كبير في رؤية الخسائر وفي التعامل معها وخصوصا التعامل بها. الواقعية السياسية تفرض قراءة موضوعية إلى اكبر مدى، من ذلك:

[ ان السعودية التي يتهمونها اليوم بأنها تسرعت وحتى تهورت في شن «عاصفة الحزم « هي واقعيا وعمليا تأخرت اكثر مما يجب. المقصود حتى لا يفهم الامر بأنها دعوة إلى الحرب كيفما كان، انه كان يجب اضاءة الضوء الأحمر امام إيران بعدما انخرطت في الحرب ضد الشعب السوري وحولت المقاومين ضد اسرائيل إلى ميليشيات تنقلهم من ساحة قتال إلى اخرى فأساءت إلى كل القضية التي سلمها الامام الخميني إلى المرشد آية الله علي خامنئي وهي قضية فلسطين وتحرير الجنوب. 

[ ان قذف السعودية بكل ما يوجد في كيس الاتهامات ضد الإمبريالية سابقا بلغة أصبحت متعبة، وتغييب الكلام عن الدور الإيراني، مؤلم خصوصا من العروبيين والقوميين، لانه مهما كان الموقف من السعودية فإنها دخلت الحرب بعدما أصبحت إيران على حدودها وهي قامت بشن «عاصفة الحزم « دفاعا عن أمنها القومي، في حين ان إيران تشن حروبها بالوكالة بعيداً عن حدودها الجغرافية، لتأكيد قوتها ونفوذها ودفع وزنها الذي يتضخم على حساب الأمن العربي إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية. 

[ الذين يَرَوْن «نملة الاعتداء» في اليمن ولا يَرَوْن او يتجاهلون « فيل الجرائم « في سوريا منذ اربع سنوات، فليتابعوا أحاجي اللغة المرمزة السياسية الإيرانية في التصريحين لنائب وزير الخارجية الإيرانية عبد الامير اللهيان ليفهموا ماذا تفعل إيران في اليمن والسعودية: 

1 – ان الاعتداء على اليمن هو بداية الخطة المشؤومة لتقسيم السعودية «. مثل هذه الخطة موجودة في رؤوس من يريدون إشعال النار المذهبية والتي نجحوا في إشعالها وإذكائها أينما أمكنهم ذلك. ولا شك ان هذا التصريح هو تهديد إيراني مبطن وعلني للسعودية وللآخرين. 

2 – ليس مقبولا ان تضع مصر نفسها في مواجهة الشعب اليمني «، اذا كانت مصر « ام الدنيا» أصبحت تُساءل لأنها وقفت مع السعودية وضد إمساك إيران بأمن الخليج وباب المندب وهي جزء منه ويصبح تدخلها قتالاً ضدّ الشعب اليمني، فماذا عن الحرب في سوريا وإيران المنخرطة بها مباشرة وبالوكالة ليست دولة عربية وهي التي قال الامام الخميني ان «ثورته إسلامية»، وإذ بها تصبح شيعية؟ 

هذان التصريحان «غيض من فيض« الى جانب تصريحات الجنرالات الإيرانيين، وحديثهم عن «العدوان السعودي«. لا شك ان نجاح الحسابات الإيرانية طوال السنوات الأربع الماضية، في ظل عجز عربي كامل، واصطدامه لأول مرة بـ«عاصفة الحزم « في وقت تتفاوض فيه مع الولايات المتحدة الأميركية قد خلط حساباتها كليا مما سيدفعها إلى التصعيد في كل الاتجاهات، بهدف تجميع مصادر قوة إضافية او تسجيل نقاط جديدة في خانتها تمهيدا لمفاوضات جديدة، تتضمن مقايضات حقيقية مثل ان تقول غدا «اليمن خط احمر للامن القومي للسعودية والخليج ومصر، كذلك سوريا خط احمر بالنسبة لنا استراتيجياً».