Site icon IMLebanon

حرب اليمن… و«الفوضى الخلّاقة»؟

كان من المتوقع ان تهبّ «عاصفة الحزم» على حركة «انصار الله» وحلفائها في اليمن، لأنّ تقدمها الميداني والسياسي على الساحة اليمنية أقلق جيران اليمن الخليجيين وغير الخليجيين، وأثار لديهم مخاوف من وقوعهم بين فكّي كمّاشة ايرانية طرفها الاول مضيق هرمز والطرف الثاني مضيق باب المندب، لأنّ الحوثيين يحظون بدعم ايراني لانتمائهم سياسياً الى محور «المقاومة والممانعة».

يسود اعتقاد في مختلف الاوساط السياسية المحلية والاقليمية والدولية مفاده انّ «عاصفة الحزم» قد لا تصِل بالقيّمين عليها الى حدود شنّ معركة حاسمة ضد الحوثيين وحلفائهم، وعلى رأسهم الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وانّ الغاية منها قد تكون تحجيم قدرة هؤلاء ونفوذهم والإتيان بهم عاجلاً او آجلاً الى مؤتمر حوار ترعاه المملكة العربية السعودية او غيرها لإنتاج حلّ سياسي متوازن للازمة اليمنية.

وفي هذه الحال يكون هذا الحل جزءاً من حلول ـ استحقاقات سيفرضها الاتفاق الاميركي – الايراني النووي والسياسي المتوقع التوصّل اليه نهاية الشهر الجاري او في حزيران المقبل حداً أقصى، وهي حلول يفترض ان تشمل كل الازمات التي تعيشها المنطقة.

امّا في حال تحوّل «عاصفة الحزم» اجتياحاً برياً من اتجاهات عدة للاراضي اليمنية بغية إسقاط الحوثيين وحلفائهم، فإنّ ذلك سيكون مؤشراً على ان لا اتفاق اميركياً ـ ايرانياً حصل أو سيحصل، وأنّ المنطقة كلها متجهة او ستتجه الى حروب أعنف وأشد يكون مؤدّاها جغرافياً سياسة جديدة فيها، خصوصاً اذا طالت هذه الحرب ولم تنتهِ الى الاهداف المرجوّة منها سريعاً.

غير انّ فريقاً من السياسيين المتابعين يعتقد انّ حرب اليمن ستؤدي الى توازن قوى سيدفع الجميع الى طاولة المفاوضات، سواء على مستوى القوى اليمنية المتنازعة او على مستوى الدول الداعمة لهذه القوى التي تدور في مدار الاتفاق الاميركي ـ الايراني، إذ قد يكون من الصعب على فريق من الافرقاء ان يحسم المعركة في اليمن لمصلحته، وفي هذه الحال لا بد من حصول حوار يُفضي الى حل متوازن للأزمة اليمنية يلبّي مصالح الجميع.

بل انّ هؤلاء السياسيين يعتقدون انّ حرب اليمن قد تكون اولى «استحقاقات» الاتفاق الاميركي ـ الايراني، بمعنى انّ هذه الحرب لا بد من أن تنتهي الى نتائج ترضي الفريق المعترض او المتخوّف من أن يأتي الاتفاق بين طهران وبين واشنطن وحلفائها بتداعياته الاقليمية على حساب مصالحه ودوره الاقليمي، ما يجعل هذا الفريق يقبل به في ضوء ما يمكن ان يحققه من إنجازات وما يمكن ان يمتلكه من أوراق قوة نتيجة حلّ الازمة اليمنية.

لكنّ السياسيين انفسهم يتخوّفون في جانب آخر من قراءتهم للمشهد اليمني الماثل ولِما يجري في المنطقة من أن تسعى الولايات المتحدة الاميركية التي أيّدت «عاصفة الحزم» الى توريط دول التحالف الذي يشنّ الحرب على الحوثيين وحلفائهم في حروب طويلة قد تكون لها ارتدادات سلبية على مصالح هذه الدول وأمنها واستقرارها، ولا سيما منها الدول التي تنظر بارتياب الى الاتفاق الاميركي ـ الايراني وتشتبه في أن يأتي على حسابها.

وفي رأي السياسيين ايّاهم انّ «عاصفة الحزم» اذا لم تؤدِ بنتائجها وتفاعلاتها والمضاعفات الى حل سياسي قريب للازمة اليمنية، وطالت مدة الحرب، فإنّ المنطقة تكون غرقت كلها في حروب معلومة البداية ومجهولة النهاية.

فالناظر الى خريطة العالم العربي راهناً، يرى انّ غالبية الدول التي شملها ما سمّي «الربيع» غارقة في نزاعات وأزمات لم تنته فصولاً بعد، وأنّ مَن بدأ يهدأ منها انما يعيش هدوءاً واستقراراً هشّين يمكن ان ينهارا في اي وقت، علماً انّ البعض يخشى من ان تؤدي حرب اليمن الى هزّ الاستقرار الذي تعيشه دول مجلس التعاون الخليجي التي كانت حتى الأمس هادئة ومستقرة.

وثمّة من يشكّك في نيّات الاميركيين ويظنّ انهم ربما يبطّنون، من خلال تأييدهم «عاصفة الحزم»، نيّات لاستكمال حلقات مشروع «الفوضى الخلّاقة» الذي كانوا قد بدأوه بإسقاط النظام العراقي السابق في نيسان 2003 بعد اجتياحهم أفغانستان إثر أحداث 11 ايلول 2001، فتكون الحرب اليمنية الفصل الاخير من فصول هذه الفوضى بحيث تعمّ عندها فعلياً كل الدول العربية من الخليج الى المحيط.