الانقسام الحاد والتراشق الإعلامي الذي ظهر في لبنان حول الحرب في اليمن، يعكس لحظة اشتباك إقليمي سعودي ـ إيراني بلغَت الذروة. حتى بات الجميع يسأل عن مصير الحوار بين حزب الله وتيار «المستقبل»، وعن أثر هذا الاشتباك على الواقعين الحكومي والأمني.
أبرزَت غالبية وسائل الإعلام أمس قضية استمرار الحوار، وطرحَت تساؤلات حول مصيره. والملاحَظ أنّ الأجواء السلبية التي شاعت في البلد كان مصدرُها وزراء ونوّاب، قالوا لصحافيين حَرفياً: «لن نستطيع الاستمرار في الحوار فيما خطاب حزب الله تجاه السعودية بهذه الحدّة». على رغم أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه برّي أعلنَ عن استمراره في بيان أصدرَه مكتبه الإعلامي.
حزب الله من جهته يفصل بين المسألتين، وتفيد معلومات أنّه أبلغَ الى برّي نيته الاستمرار في حضور جلسات الحوار على الرغم من المناخات الضاغطة والحملة التي يتعرّض لها. والكلام الذي يقوله مسؤولوه ووزراؤه ونوّابه واضح لجهة «فصل الملفات الخلافية في الإقليم عن الواقع المحلي، وحزب الله ليس الوحيد من بين الاطراف الداخلية الذي لديه موقف من القضايا المطروحة في المنطقة.
لماذا يتفهّم حزب الله مواقف «المستقبل» حيالَ سوريا ويسكت عن الحملات الإعلامية والسياسية اليومية على حليفيه الرئيس بشّار الأسد والقيادة السياسية في إيران؟ في بداية القضية اليمنية خرجَ الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله بمواقف مبدئية ممّا يجري ومن الحرب السعودية هناك.
أمّا في الإطلالة الثانية عبر «الإخبارية السورية» فقد كانت مواقفه في سياق لقاء تلفزيوني وأسئلة محدّدة مطروحة عليه، وليس من منصّة حزبية مخصّصة لتناول الموضوع. وقد فوجئ الحزب بالحملة التي تعرّضَ لها «تلفزيون لبنان» الرسمي بسبب نقلِه مقابلة «السيّد»، مع العِلم أنّه كانت لديه ملاحظات على أداء التلفزيون، ومنها «انحيازُه في التغطية لمصلحة قوى 14 آذار، ولدَيه على ذلك شواهد كثيرة».
وبالتالي فإنّ الحزب رأى في موقف السفير السعودي علي عواض عسيري الأخير منه ومن أمينه العام، خروجاً على «قواعد الاشتباك» التي رسمَها الحوار، ومِن ضمنِها وقف الحملات الإعلامية وتخفيف التشنّج والقفز فوق الملفات الخلافية وعدمُ وضعِها أصلاً في جدول الأعمال.
في هذا السياق تلفتُ أوساط سياسية بارزة في قوى 8 آذار إلى أنّ حزب الله لم يبادر إلى شنّ حملة على تيار «المستقبل» بسبب مواقف الأخير حيال اليمن أو سوريا، أو العراق.
وأنّ الردود التي صدرَت بغالبيتها عن النائب محمد رعد ومسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب الحاج محمد عفيف، «إنّما كانت دفاعية». واكتفى الحزب بتسجيل مواقفه «المبدئية» من المسائل الإقليمية ومنها المسألة اليمنية، واحترم آراءَ الآخرين ولم يعَلّق عليها ولم ينظّم الحملات ضدّها على الرغم من كونه مختلفاً جداً معها.
وتؤكّد هذه الأوساط أنّها غير متفائلة بالمرحلة المقبلة، «لأنّ عدم حسم المعركة في اليمن سريعاً، سينعكس مزيداً من التطرّف في المواقف، وعندها قد يتعرّض الحوار للتعطيل، ما قد يضع البلد مجدّداً أمام مخاطر أمنية وسياسية، وهذا قد يؤثّر بقوّة على الاستقرار الحكومي وعمل مجلس الوزراء».
وذكّرَت الأوساط عينُها، بأنّ الرئيس سعد الحريري كان أوّل مَن انتقدَ كلام السيّد نصرالله عبر «الإخبارية السورية» ما أثارَ الخوفَ على مصير الحوار، ولذلك لا بدّ من طرح هذه المسألة على طاولة البحث في أوّل جلسة حوار مقبلة، حسب ما قال برّي، بغية تنظيم الخلاف مجدّداً، مثلما تمّ تنظيمه حيال الملف السوري والإقليمي عموماً، لأنّ الحرب في اليمن قد تطول وتتطوّر وتتّسِع لتصبح مواجهة إقليمية كبيرة تنسف صيفَ التسويات المحتملة.