Site icon IMLebanon

اليمن الذي كان سعيدا  

 

التقيت علي عبداللّه صالح مرّتين. إحداهما من ضمن الوفد الإعلامي اللبناني الرسمي برئاسة وزير الإعلام في حينة الأستاذ غازي العريضي وضم أركان الوزارة. والثاني من خلال مؤتمر إتحاد وكالات أبناء الدول العربية، وكنت رئيسه. وفي المرتين لم أبدّل رأيي في ما كنت أعرفه سلفاً عن الرجل: ثعلب كبير.

 

علي عبداللّه صالح هو اليوم في دنيا الحق، إلاّ أنّ هذا الرجل الذي ملأ الدنيا وشغل الناس طويلاً شكّل ظاهرة إستثنائية منذ أن أصبح سادس رئيس موقت لليمن في العام  1978 وحتى العام 1990 عندما أصبح أول رئيس لليمن بعد توحيد شطريه الشمالي والجنوبي، وقد تمكن من قمع ما سمي بـ«الحركة الإنفصالية» (الجنوبية) في العام 1994.

وفي الوقت الذي تبدّل المشهد لدى علي عبداللّه صالح من رئيس تعرّض لمحاولة إغتيال ونقل الى الإستشفاء في المملكة العربية السعودية، الى رئيس مخلوع، الى رئيس في المنفى، الى خصم للسعودية والتحالف العربي والإسلامي (عاصفة الحزم) الى حليف للسعودية والتحالف إياه… في هذا الوقت بالذات، وقبيل مصرعه بأيام إنتقل من حليف للحوثيين الى أحد أبرز خصومهم العسكريين واستقر في صنعاء مدعوماً من التحالف لتنشب بينه وبين الحوثيين معارك ضارية إستمرت أياماً معدودة إنتهت بقتله، أمس، في منزله بقرار حوثي مباشر وغير مستغرب.

ذلك أن حلفه مع الحوثيين في العام 2014 سبقه إندلاع ما سُمي بـ«ثورة  الشباب» في العام 2011 وانقسام الجيش اليمني، وتنحيه عن رئاسة الجمهورية مشترطاً عدم حل حزب المؤتمر الشعبي الذي هو مؤسسه وزعيمه… وهذا الحلف مع الحوثيين هو غير طبيعي كون صالح خاض في خلال سبع سنوات (منذ 2004 حتى 2010) ستة حروب مع الحوثيين الذين شكلوا حال تمرد مسلّحة ضد الدولة المركزية اليمنية… علماً أنه ينتمي الى إحدى الفرق الشيعية التي لا رابط لها بالشيعة الإثني عشرية، وكذلك الحوثيون هم في إنتماء إلى حال شيعية ليست بالإثني عشرية في أي حال.

في اللقاءين مع علي عبداللّه صالح، رئيس اليمن، كان يحرص على أن يظهر في مظهر الرئيس القوي والمتواضع في آن معاً. وكان شديد الإهتمام بالأوضاع في لبنان ويسأل عن التفاصيل وتفاصيل التفاصيل، إلاّ أنّ إطلاعه على الشأن اللبناني بدا محدوداً ببضعة أصدقاء لبنانيين، ينقلون اليه المعلومات من وجهة نظر شخصية. وكان يريد أن يبلغ

جليسه أنه يستند في حكمه الى الجيش «واسع الولاء» (له) والى شعبيته (القبلية) مثله مثل القيادات اليمنية الأخرى… وكان يحب أن يبدو ثعلباً ذكياً أو متذاكياً، ويبحث عن النكتة حيث لا مجال لها. وقد إستمعت منه الى نكتة (ويقال إنها حقيقة) عندما كُلف الجيش اليمني، ذات زمن، لمكافحة نبتة القات… وكان الحافز للعسكر لينفذوا المهمة باندفاع هو… زيادة نصيب كل ضابط ونفر منهم من … القات!

في أي حال يأتي مصرع علي عبداللّه صالح دليلاً آخر على أن «اليمن السعيد» نأت عنه السعادة بعيداً… بعيداً. والى أجل غير مسمّى!