IMLebanon

العاصفة اليمنية تتمدّد إلى سوريا: تراجعات النظام برسم إيران

حجب انطلاق عملية عاصفة الحزم العسكرية بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن وكذلك المفاوضات الكثيفة من المرحلة الاخيرة بين الدول الخمس الكبرى زائد المانيا مع ايران حول ملفها النووي في لوزان، بعض الشيء، التطورات الميدانية السورية التي اكتسبت اهمية كبيرة في الايام الاخيرة مع تقدم لافت ومهم لأفرقاء المعارضة السورية على محاور عديدة تقول مصادر عليمة انها فاقمت من استياء طهران ووضعتها في موقع حرج بعد صدمتها من الحملة العسكرية العربية في اليمن. اذ ان تزامن التطورين السلبيين، أي قيام تحالف الدول العربية السنية لردع سقوط اليمن تحت نفوذ ايران بما يعنيه ذلك من تداعيات محتملة على سائر الملفات والازمات في المنطقة وخسارة النظام السوري مناطق مهمة، ساهم في ارتفاع الخطاب العدائي ضد السعودية، وفق ما تقول مصادر معنية. فقد كشفت الخسارة الميدانية للنظام في بصرى الشام ولاحقا وخصوصا تراجع قواته وانسحابها من ادلب المهمة بالنسبة اليه هشاشة ما آل اليه النظام وقواته العسكرية التي لم تحظ بمساعدة من الميليشيات التي تحارب الى جانبه في الوقت الذي لا يعتد بقوة النظام وحده منذ زمن بعيد بل بقوة حلفائه الداعمين على الارض، ولا سيما منهم الميليشيات الشيعية التي ساعدته على الصمود حتى الآن. ولذلك فان الخسارة في ضوء التزام ايران بالكامل المحافظة على الستاتيكو السياسي الحالي في دمشق تطاولها كما تطاول النظام ايضا في وقت حرج من ظروف المنطقة مع انطلاق تحالف اسلامي عربي واقليمي ضد طموحات ايران ومع ضغوط في الملف النووي قد لا تعطي ايران كل ما تقول اعلاميا انها ستحصل عليه. وذلك في الوقت الذي تبرز حاجة ايران الى محافظة النظام على تماسكه وتقدمه الميداني الذي كان ملحوظا ويسمح له بالتشدد كما في كل وقت قبل خسارته بصرى الشام وادلب ومعبر نصيب على الحدود مع الاردن وصولا الى مخيم اليرموك الفلسطيني على ابواب العاصمة السورية. فهذا الامر حيوي لايران من اجل بقاء اوراقها قوية وعدم انهيارها او ضعفها على الاقل في هذا التوقيت بالذات. اذ بدا وكأن العاصفة العسكرية العربية التي امتدت في اتجاه اليمن قد لفحت سوريا بقوة ايضا من خلال ما يتردد انه تلاق سعودي تركي خليجي اعطى ثماره في سوريا وليس في تضامن تركيا مع المملكة في حربها ضد الحوثيين في اليمن ومن الموقف من التمدد الايراني في المنطقة فحسب، في الوقت الذي لا تكفي استعادة بعض احياء تكريت من تنظيم الدولة الاسلامية في العراق، خصوصا بعد دخول المساعدة الاميركية الجوية على خط المساعدة في قصف تكريت من اجل تعويض هذه الخسارة.

وساهم في تعزيز الوقع القوي لهذه التطورات موقفان سياسيان لافتان في الشأن السوري: احدهما تمثّل في الرد الذي تولاه وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل على رسالة وجّهها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في شرم الشيخ بحيث بدت فيه المملكة وكأنها خلعت مع انتهاجها اسلوبا مختلفا في قيادة حملة عسكرية لاعادة الشرعية الى اليمن قفازات الحذر الديبلوماسية الفائقة. اذ قال الفيصل: “ان روسيا سلحت النظام الذي يفتك بشعبه. وهذا النظام فقد شرعيته وروسيا تتحمل مسؤولية كبيرة في مصاب الشعب السوري. ان روسيا تقترح حلولا سلمية وهي مستمرة بتسليح النظام السوري”. والموقف اللافت الآخر تمثل في ما اعلنته المندوبة الاميركية الدائمة لدى الامم المتحدة سامنتا باور في مؤتمر دعم النازحين السوريين في الكويت قبل ايام لجهة اعادة تأكيد تصويب الموقف الديبلوماسي الاميركي من الرئيس السوري لجهة “ان لا مكان للرئيس السوري في مستقبل سوريا” وعارضة لفصول ما سمته “وحشية النظام في استخدام الاسلحة الكيميائية وفي القصف بالبراميل المتفجرة والتعذيب الممنهج الى جانب عرقلة وصول المساعدات الانسانية الى القرى والبلدات المحاصرة”.

يتوقع بعض المصادر في ضوء بعض المعطيات التي تتردد لدى اوساط سياسية لبنانية ان يعمد النظام بالتعاون مع “حزب الله” خصوصا من اجل استعادة السيطرة على بعض المناطق التي تكتسب بعدا استراتيجيا بالنسبة الى الطرفين خصوصا في ضوء الكلام على حرب في الربيع بعد ذوبان الثلج بحيث لا تخفي هذه المصادر خشيتها من عودة التوتر الى عرسال وجوارها انطلاقا من عمليات الخطف التي عادت الى الواجهة في الايام الاخيرة بحيث تمهد هذه التطورات الى عملية عسكرية على الحدود. في حين يولي مراقبون متصلون بالنظام عاملين اهمية: احدهما ما تردد عن وقف الولايات المتحدة انطلاق عملية تدريب فصائل المعارضة قريبا كما كان مقررا، والحذر الذي قد تجد الولايات المتحدة نفسها ملزمة باعتماده بحسب هؤلاء مع سيطرة النصرة التي تصنفها واشنطن على انها ارهابية على ادلب والمعبر الحدودي الاخير مع الاردن في انتظار رصد ردود الفعل على الارض ومفاعيل ذلك. ففي نهاية الامر يطمئن هؤلاء الى عدم سماح الولايات المتحدة بالذات بانهيار النظام من اجل بقاء الحد الادنى من تماسك المؤسسات السورية لئلا يحصل في سوريا ما حصل في العراق وفق ما اعلن المسؤولون الاميركيون مرارا من جهة والى استمرار الدعم الروسي فضلا عن الايراني الذي يقول هؤلاء انه سيقوى اكثر في ضوء التطورات الاخيرة في اليمن.