المفاجئ في حرب اليمن، هو أنّ أحداً لم يكن يتوقع التدخل العسكري للمملكة العربية السعودية، التي اعتاد العالم على أدوارها الوفاقية والتصالحية والسلمية، على مدى عقود من الزمن…
الواضح، أنّه لم يكن أمام الرياض من خيارات، بعدما كاد اليمن، بما يمثل من أمن استراتيجي للمملكة وسائر دول الخليج، ان يقع في أيدي إيران، فكانت «عاصفة الحزم» الرد المناسب، وشكلت مفاجأة كبرى لإيران، التي كانت مطمئنة الى أنّ المملكة لن تتدخل عسكرياً، أياً تكن الظروف.. لكن حسابات حقل طهران لم تنطبق مع حسابات بيدر الرياض، التي، وعلى ما قلنا، ترى في اليمن الخاصرة، وأي تغيير في الواقع اليمني لا بد وأن ينعكس على المملكة وعلى نحو كبير…
إنطلاقاً من هذا، عندما تتدخل السعودية في اليمن، فإنّها تتدخل لحماية أمنها الوطني، وأمن سائر دول الخليج، الذي هو خط أحمر، ولا يمكن لأي أحد، أياً تكن الظروف والذرائع وتحت أي شعار أن يقبل بتهديد أمن هذه الدول..
هناك جدال حول «عاصفة الحزم» وما حققته ميدانياً وسياسياً وهل حققت كامل ما تريده الرياض، أم لا؟.
على الرغم من نزعة «التكابر» التي تعصف بعقول الايرانيين الذين يتطلعون لإحياء الامبراطورية الفارسية البائدة، فإنّ الأيام المقبلة ستقول كلمتها، ورغم المخيلة الايرانية التي تصوّر كل الهزائم على أنها «انتصارات إلهية» تماماً كما حصل في لبنان في العام 2006، وللتأكيد على هذا السلوك، يكفي متابعة ما يقوله قادة إيران… فهذا السيّد خامنئي يقول: «إذا سقطت دمشق تسقط طهران».
ومسؤول إيراني آخر، يقول «إنّ الكويت هي خط دفاع استراتيجي للأمن القومي الإيراني..» وما قاله مساعد وزير خارجية إيران للشؤون العربية والافريقية لجهة أن إيران تعتبر أمن المنطقة من أمن إيران، ملوّحاً برد فعل قوي حيال أي إجراءات من شأنها أن تعقد الوضع… ما ذكرني بالعدوى التي أصابت بشار الأسد الذي عند وقوع أي اعتداء إسرائيلي على سوريا يقول إنّه «سيرد في الوقت والمكان المناسبين..».
نعود الى القرار الدولي الرقم 2216 الخاص بمنع تزويد الحوثيين المتحالفين مع إيران بالأسلحة، والذي وفر غطاء للتحالف للتدخل عسكرياً، فقد كان لافتاً خروج روسيا من المشهد حيث لم تعترض على إدراج القيادات الحوثية وإبن علي عبدالله صالح تحت الفصل السابع، بعدما كانت وعدت إيران بتزويدها بمنظومة صواريخ «اس 300».. فماذا تدل هذه الازدواجية من طهران؟!
الواضح أنّ همّ روسيا الوحيد هو بيع السلاح.. وهذه ليست مسألة جديدة… فأيام الاتحاد السوڤياتي زوّدت موسكو طهران بمدرعات وناقلات جند وذخائر، وساعدتها على بناء مصنع للدبابات، ومصنع لإنتاج ناقلات الجند المدرّعة… وقد وافق الرئيس بوريس يلتسين، وقتذاك على عرض من الرئيس الاميركي الأسبق بيل كلينتون، بإنهاء التعاون العسكري الروسي – الإيراني، مقابل وعود أميركية بالتعاون التكنولوجي مع روسيا… ولكن مع مجيء بوتين الى السلطة، تأكدت موسكو أنّ واشنطن غير مهتمة بمساعدتها على تطوير صناعاتها الدفاعية، فألغت الاتفاق…
عاد بوتين وباع إيران طائرات عسكرية مقاتلة وهليوكوبتر في العام 2010، وتراجعت روسيا عن صفقة صواريخ الـ»اس300»، رغم أنّ العقوبات الدولية لا تمنع بيع الأسلحة الدفاعية…
وفي المقابل، كانت الولايات المتحدة الأميركية تنجز صفقات الاسلحة مع السعودية ودول الخليج… ما يعني، أنّ استمرار الحرب في اليمن هو مصلحة اميركية – روسية…
ليس من شك في أنّ ما بعد انتهاء «عاصفة الحزم»، ستدخل المنطقة في مرحلة تالية… فالسعودية لن تتوقف عن مهمتها إلا حين تتأكد من أنّ الأهداف التي رسمتها قد تحققت، خصوصاً بالنسبة الى المبادرة العُمانية..
ما يمكن أن نخلص إليه، هو أنّ قضية اليمن ستكون بداية نهاية المشروع الإيراني، الذي «يسرح ويمرح» منذ العام 1979.. ومن يعش يرَ..
عوني الكعكي