غصات عديدة تنتابنا، نحن اللبنانيين الذين نحب جيشنا، أي الأكثرية الساحقة من الشعب اللبناني بأطيافه كافة، ونحن نستقبل عيد الجيش، اليوم الأول من آب، عيد التضحية والشرف والوفاء، عيد الكرامة الوطنية بأبهى صورها. ولكنها تسقط أمام الإنجازات.
ألاّ أن أبرز الغصات الآتيتان:
أولاً – أبطال الجيش المخطوفون، غيلة وغدراً، لدى جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» الإرهابيين. ولم نستغرب قول القائد العماد جان قهوجي في أمر اليوم في العيد السبعين أنهم «أمانة في أعناقنا».
ثانياً : للعام الثاني على التوالي يحل عيد الجيش ولا يقام الإحتفال المركزي في الفياضية لأن لا رئيس للجمهورية ليترأس الإحتفال ويقلّد الضباط المتخرجين سيوفهم.
ألاّ أن هاتين الغصّتين المهمتين (وهناك غصّات أخرى سواهما) لن تزيلا الإيجابيات العديدة لهذا الجيش البطل الواقف على خطوط النار، يرد كيد الأعداء بصدور أبطاله الميامين فيزرعهم في الأرض التي ترويها دماؤهم الزكية، لتثبت وطناً منيعاً.
إن هذا الجيش حقق في مواجهة الإرهاب إنتصارات باهرة عجزت عنها جيوش ضخمة في المنطقة، إنهارت أمام داعش وأخواتها، ولم تصمد يوماً واحداً، بينما تقف قيادة وضباط ورتباء وعناصر جيشنا الباسل بثبات وصمود ملحقين بهذه الزمرة الإرهابية خسائر ملحوظة.
إن لبنان يعيش أزمات خطيرة تتناوله في أساسيات كيانه ووجوده. وهو، بالتالي، معرض لكم هائل من الأخطار، إلاّ أن الثقة لا تزال قائمة بهذا الوطن بفضل صمود جيشه، وثباته، واندفاعه، وتضحياته العظيمة.
إن الذين يريدون إلحاق الأذى بهذا الوطن إنما يسعون الى إستهداف الجيش بالوسائل العديدة، ولكن الجيش اللبناني أصابهم بالخيبة، واسقط رهاناتهم، وافشل مخططاتهم. ومعروف أنهم راهنوا على ضرب وحدته التي هي العمود الفقري لوحدة الوطن. بل إن البعض كان (سواء أعن حسن نية أم عن سوء نية) يعارض تسليم الجيش أي مهام حساسة، بدعوى أنه قد يتعرض الى الإنقسام… وتبين أن هذا كان تقديراً خاطئاً جداً، وان الجيش اقتحم فوهة بركان الأحداث الصاخبة فإذا به يكرس وحدته ويصون الوطن أرضاً وشعباً ومؤسسات ولم تطاول الفتنة وحدة صفوفه.
هذا الجيش الذي دافع عن لبنان باللحم الحي ها هو اليوم ينظر في عين الشمس فلا يرف له جفن. عين شمس الحقيقة التي يقوى بها. وعين شمس الشرف والتضحية والوفاء التي يرفعها شعاراً معيوشاً وليس كلاماً فارغاً.
وهل فاتنا ما تركته تجربة 1975 القاسية التي ما كانت لتبلغ أي مدى لو سُمح للجيش أن يقوم بواجبه دفاعاً عن هذا الوطن.
في عيد جيشنا السبعين أكرّر ما قلته وأقوله دائماً، قبل ترؤسي تحرير مجلة الجيش سنوات طويلة، وخلاله، وبعده: انني منحاز الى هذا الجيش، لأنني لا أتخيل لبنان من دونه!
يا جيشنا الحبيب الى قائدك وضباطك ورتبائك وكل عسكري فيك تحية الوفاء، وتحية المحبة، وتحية الثقة، وتحية الإيمان بك وبدورك، أنت أيها الأمل شبه الوحيد المتبقي في هذا الزمن اللبناني والعربي الرديء.