Site icon IMLebanon

نعم أم لا… للمثالثة؟

لا يخفى على أحد أن الاستفتاء اليوناني الذي قال “لا” مدوية في وجه الدائنين الأوروبيين استقطب انشداداً لبنانياً واسعاً يعود بعضه الى أوجه شبه بين الواقعين الماليين للبلدين المتوسطيين وبعضه الآخر الى شغف لبناني بمفقود اسمه الديموقراطية الحقيقية التي ازدان بها استفتاء البلد المعلم للفلسفة العريقة. هنا فقط نستعير أداة التمني لنقول “لو” يجري تحويل “استطلاع” يستلّه فريق مسيحي الآن في غمرة معاركه السياسية الصاخبة الى استفتاء آخر على الطائف دفعة واحدة من دون لف ولا دوران.

نتمنى ذلك لأن النبرة الصاعدة بحدة عالية في خطاب الفريق العوني، وسط صمت أو تآلف أو توظيف ضمني من أفرقاء مسيحيين آخرين حيال ما يسمى “حقوق المسيحيين المهدورة”، ستتجه في القريب العاجل في وجهة حتمية نحو فتح مقلب تأسيسي مهما كانت التسمية. وإذا كان الفريق المصعِّد لن ينجح في فرض دفتر شروطه، فإنه سينجح على الأرجح في فتح الأزمة على مقلبها التأسيسي أقله من زاوية حصوله على دعم حليف شيعي قوي في تعميم التعطيل وكذلك من زاوية تظلله بمهادنة أو حتى “ببيئة حاضنة” متفاوتة الدرجات من أفرقاء مسيحيين.

وإذا شئنا توسيع المصارحة في أزمة لا تحتمل توريات ومواربة، ترانا أمام خيارين يتعيّن على المسيحيين مواجهتهما بكل وضوح ما دامت أزمة الفراغ الرئاسي أفضت الى هذا الاهتراء المنذر بانفجار سياسي على يد الفريق المعطل للانتخابات الرئاسية منذ سنة وأربعة اشهر. يذهب الفريق العوني الآن الى تجاوز الإطار الكلاسيكي لمسار الازمة نحو سقوف يطرح معها مآل النظام برمته تحت عنوان محمول بكل المغالاة الطائفية باتهام مجموعة أفرقاء بـ”الداعشية السياسية”. وسواء كان ذلك مرعياً من “حزب الله”، أم كان بقرار ذاتي من الزعيم العوني ستكون الحصيلة واحدة وهي تعبئة قسم من المسيحيين لإسقاط معادلة انتظار العوامل الخارجية والداخلية للتوافق على رئيس للجمهورية وتحويل الصراع نحو اتجاهات اكثر جذرية تذهب رأساً الى النظام برمته بعنوان مسيحي هذه المرة. وسواء اعترف الفريق العوني وغيره من الأفرقاء المسيحيين أم لم يعترفوا، فإننا لا نرى في الحصيلة الواقعية لحرب انقلابية على اتفاق الطائف سوى إسقاط المناصفة لمصلحة المثالثة في أفضل الظروف الافتراضية. اذا كان هذا يأتلف مع العنوان العتيق الجاري تلميعه للفيديرالية، فأي حاجة بعد هذا التحوّل الجاري وضعه على نار السياسة والشارع للاستطلاع الرئاسي؟ ولماذا لا تحوَّل وجهة الاستطلاع الى النقطة الحاسمة النهائية التي يستفتى فيها جميع المسيحيين بنعم أم لا للطائف والمناصفة والمثالثة والفيديرالية والاتحادية وسائر المشتقات التأسيسية؟ ادخلوا المنازل من أبوابها مرة أخيرة وكفانا تلصصاً من النوافذ!