الذين ألقوا المناشير في الاشرفية، التي تحمل عبارات سقيمة تقول: “كي لا تدمر الكنائس وكي لا يخطف المطارنة وكي لا تسبى نساؤنا نقول شكراً لروسيا”، لا علاقة لهم إطلاقاً لا بالكنيسة ولا بالمطارنة ولا بالنساء الارثوذكسيات، ولا علاقة لهم ايضاً لا بروسيا ولا ببوتين ولا حتى بالبطريرك كيريل أو الأب فسيفولود تشابلن اللذين سبق لهما ان أصدرا بياناً اعتباطياً في 2 تشرين الماضي إعتبرا فيه ان المعركة التي يشنها بوتين في سوريا مقدسة!
لا قداسة للمعارك والحروب في الدين المسيحي، والكنيسة الأرثوذكسية الانطاكية لا تقبل بتقديس الحروب والمعارك التي تعني القتل وسفك الدماء، وكان من حق سيدنا الياس عوده لا بل من صلب دوره الراعوي الايماني، ان يسارع حينها الى التوضيح رداً على بيان البطريرك الروسي كيريل :
“ان الكنيسة لا تبارك البتة من يقتل الآخر أو من يسيء الى الآخر ولا تبارك من يقتل الآخر لأن حياة الانسان ملك الرب ومن يقتل الانسان كأنه يشاء ان يقتل الله، وفي الحقيقة يذهب المقتول الى الرب، أما القاتل فقلبه ظالم ومظلم يسكنه الشيطان والشيطان لا يدخل ملكوت الله ” .
هل هناك اوضح من هذا، وهل هناك شك في ان الذين ألقوا المنشورات في الاشرفية يعملون من حيث يدرون أو لا يدرون على عكس ما تضمنته المناشير من مزاعم، فهي تؤسس لكي تدمر الكنائس ويخطف المطارنة وتسبى النساء، وخصوصاً عندما يحاولون زج الكنيسة الارثوذكسية في شطط اختارت الكنيسة الروسية ان تذهب اليه، وإن كان مخالفاً لجوهر الايمان المسيحي الذي لا يقدس المعارك لأن هذا طعن في روح المسيحية والمسيح!
سبق لي ان كتبت في هذه الزاوية انه إذا كان البطريرك كيريل أعلن موقفاً مستغرباً عندما وصف المعركة بأنها مقدسة، فإن المسيح لا يرضى لأن المعارك تعني القتل والموت وإزهاق الارواح، وليس كثيراً القول إن بيان كيريل مع احترامنا الجزيل له ينطوي على تهور وهرطقة ويناقض روح الايمان المسيحي في سراطه المستقيم، حتى ولو كانت معركة بوتين تخاض ضد الارهاب فالمسألة إيمانية لا سياسية .
يستطيع طلعت تاج الدين رئيس الادارة الروحية للمسلمين في روسيا وغيره من زعماء الطوائف اصدار بيانات التأييد لحرب بوتين، ولكن لا يستطيع سيدنا الياس عوده إلا ان يغرف من منهل الإيمان الأرثوذكسي عندما يعلق بالقول: “ليكن واضحاً ان كنيستنا الأرتوذكسية لا تبارك ولا تقدس الحروب ولا تقول عن أي حرب إنها مقدسة، ومن يقول هذا أشك في انه سمع كلام الرب يسوع : أحبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم”.
نعم يا سيدنا، لكن الذين دسوا المناشير ليسوا من المسيحيين بالتأكيد!