نعم… النسبية أيها المسيحيون والنسبية أيّتها الثنائية، مع أنَّ حجم المسيحيين لا يرتهن بالقوانين؟
ولكن… الى أي مدىً سيظل حجم المسيحيين السياسي والإنتخابي يلجأ الى العرف الدستوري ومواد القانون، وليس الى المادة التي خُلِق بها الرجال؟
إلى أيِّ مدىً ستظلّ الديمقراطية التوافقية تتغلّب إكراماً للخواطر على الديمقراطية العددية حفاظاً على دور المسيحيين وحقوقهم؟
هذه الأقراص المسكِّنة التي يتخدَّر بها الذهن المسيحي البليد، هي أشْبه بالخمرة المحرَّمة التي يترنح بها المسيحيون على غرار من يشرب الخمر ليسكر، لا ليشربها كي يصحو من خمرة غيره.
هل سيظل أصحاب القرار المسيحي يعيشون الساعة التي هم فيها، ويتجاهلون قراءة محاذير السوابق من التاريخ ولا يستشرفون اللَّواحق، بل يقرأون تاريخهم الخاص على قاعدة «من بعدي الطوفان» وهو الشعار الذي أطلقه الملك الفرنسي لويس الرابع عشر فكان الطوفان مداهماً وعاصفاً من بعده؟
وهل يجب أن يرتبط التمثيل المسيحي حصراً بالثنائية المسيحية، وهل كانت هذه الثنائية أكثر حرصاً على المسلمين من المسيحيين الآخرين؟
القانون الإنتخابي النسبي هو الذي يحول دون تكريس طبقة سياسية مهترئة ومتوارثة، تجدّد نفسها بنفسها تباعاً وبواسطة أنابيب الإنعاش في القوانين الإنتخابية المفصّلة على القياس.
والقانون الإنتخابي النسبي، هو الذي يُطلق العصامية المسيحية النخبوية والتي بها يتأمن استمرار الحضور المسيحي الفاعل والخلاق، وليس بالأرقام الحسابية المرتكزة على العدد.
ولا مرّة عبر التاريخ كان العدد المسيحي هو الذي حقق للمسيحيين بروزاً متفوقاً ونهضة بارزة ووجوداً آمناً.
ولا مرة كانت العصبية المسيحية الدينية هي التي أطلقت المسيحيين روّاداً ميامين يرفعون لواء العروبة الحضارية ويحلّقون على المنابر العالمية متميزين.
عندما تقلّصت فيهم مأثرة التاريخ، وتبدّد عندهم عصر التنوير بالكسوف الميليشياوي، انكفأوا من منافسة الأمم في القمم الى المنافسة الجانبية في مرابض كسروان.
وبغير القانون الإنتخابي النسبي ستظل مرابض كسروان هي المدى الحيوي للمسيحيين، ولا قيامة لهم وللبنان في ثنائية مذهبية من هنا، تقابلها ثنائية مذهبية من هناك في غياب أحزاب وطنية جامعة.
ولا قيامة للثنائيات بالنظام الأكثري الذي يؤّمن لها احتكار التمثيل الحصري، لأن التحالف الثنائي لشنِّ حرب إلغاء على الآخرين، لا يلبث أن يتحول الى حرب ثنائية تُلغي بها واحدةٌ الأخرى.
شعار «من بعدي الطوفان» يحمل كلّ الرياح العاصفة في أجواء المستقبل، لأنه… بعد لويس الرابع عشر كان لويس الخامس عشر وحرب السبع سنوات، وكان لويس السادس عشر وماري أنطوانيت، وكانت الثورة… وكانت المقصلة.