IMLebanon

نعم… البطريرك في دمشق

الزيارة التي قام بها الى سوريا صاحب الغبطة البطريرك بشارة بطرس الراعي استوقفتني كثيراً وأخذت أتأمّل كيف اتخذ غبطته هذا القرار الجريء بالإنتقال الى دمشق بالرغم مما يجري من أحداث أليمة حتى في العاصمة السورية ذاتها، إذ لا يمر يوم إلاّ وتتساقط القذائف عليها ووضعها الأمني في غاية الخطورة.

بالرغم من هذه الظروف قرّر غبطته أن يقول للعالم إنّ المسيحيين هم أساس في هذا الشرق.

وكما أنّ القدس لا تزال مع الناصرة وبيت لحم مهد المسيحية، فقد جاءت زيارة غبطته الى سوريا لتؤكد على أنّه بالرغم من كل المؤامرات التي تحاك ضد المسيحيين في الشرق فسيبقى المسيحيون أقوى منها.

ولنتذكر أنّه يوم جاء كيسنجر قبل الأحداث اللبنانية بسنتين الى لبنان والتقى بالرئيس سليمان فرنجية في شتورة طرح الوزير الاميركي على الرئيس اللبناني السؤال الآتي: من يجب أن يحكم القدس: اليهود أو المسيحيون أو المسلمون؟

فأجابه فرنجية سريعاً: المسلمون وشرح وجهة نظره قائلاً: إنّ المسلم يعترف بالديانتين الاخريين كون أتباعهما من أهل الكتاب وقد جاءا قبله، والمسيحي يعترف باليهود الذين جاءوا قبله، أما اليهودية فلا تعترف بالدينين الآخرين، لذلك، ختم فرنجية قائلاً: يجب أن يحكم المسلمون القدس.

ويبدو أنّ الأميركي كان يفكر منذ مدة طويلة في إجلاء المسيحيين عن المنطقة، فخلال حرب السنتين في لبنان كلفت الإدارة الاميركية الديبلوماسي روبرت مورفي بمهمة في لبنان، تبيّـن أنها تقوم على إجلاء المسيحيين، ففي لقاء مع الرئيس سليمان فرنجية أيضاً قال له مورفي: إنّ الولايات المتحدة مستعدة لأن تجلي المسيحيين من لبنان، وأضاف: إنّ بوارج الأسطول السادس جاهزة لذلك، وقد استاء فرنجية بشدة، وعبّر عن استيائه بكلام جارح لمورفي الخ…

أخيراً… أعرف أنّ بعضهم يتساءل كيف يتوجه البطريرك الى سوريا حيث النظام يقتل شعبه… ويعترض على الزيارة؟

لهؤلاء نقول: إنّ زيارة غبطة البطريرك الماروني الى دمشق لم تكن لإجراء مشاورات أو مباحثات أو حتى مجرّد لقاءات مع أي مسؤول أو جهة رسمية… هي فقط زيارة راعوية وللمشاركة في القمة الروحية المسيحية التي دعا إليها بطريرك الروم الارثوذكس.. وليقول للمسيحي السوري، وعبره للمسيحي في مختلف بلدان المنطقة: ابقَ في أرضك، لا تغادرها مهما اشتدت عليك الأهوال…

 

عوني الكعكي