من رأى التظاهرة الحاشدة في شوارع باريس، دهش لهذا الجمع الذي تكدّس مدافعاً عن حرية الرأي واندمج في التعاطف مع مأساة ذهب ضحيتها أشخاص امتهنوا فن السخرية لانتقاد الآخرين، وما يدهش أكثر من ذلك رؤية مجرم حرب يترأس الحشد مدافعاً عن حرية الرأي من دون أن يرف له جفن لما اقترفته يداه حديثاً بحق أهل غزة التي فتك بها لأن شعبها طالب ويطالب بأن يكون له مكان تحت الشمس .
نحن لسنا مع القتلة ولكننا في الوقت نفسه لسنا مع من امتهن السخرية من الآخر مهنة لاكتساب العيش بغض النظر عن الجروح التي تتركها السخرية في نفوس الآخرين، والسخرية هي تحقير للآخرين واستخفاف بمشاعرهم، فلمَ هذا التعامل الفوقي المبتذل؟ لن أدخل في ما فعلته فرنسا بحق الجزائريين ولا ما فعلته اوروبا بحق اليهود فصفحات التاريخ ملأى .
لن أدخل في أوساخ التاريخ ولكني أطلب من هذا (النتن ياهو) أن يتعلم منا، نحن اللبنانيين، أن يتعلم منا كيف اعدنا بناء كنيس اليهود في وادي ابو جميل وهو يعلم ان عدد اليهود عندنا لا يتجاوز عدد اصابع اليد.
ليتعلم هذا (النتن ياهو) كيف نحافظ على كراماتهم في وادي ابو جميل وفي مدافن اليهود في السوديكو مع اننا نعلم ان هذا (النتن ياهو) لا يترك فرصة لا يدنس فيها المسجد الاقصى وكيف ازال في القدس مقابر المسلمين وحولها الى مرتع للكلاب وكيف يتعامل مع من بقي من مسيحيين في القدس .
حرية الرأي مقدسة والسخرية محرمة وكما ذكر القرآن الكريم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ) فلكل معتقده ولكل رأيه ونحن في لبنان أنشأنا يا (نتن ياهو) مدرسةً تطالب باحترام الآخر مهما كانت عقيدته ونردد مع القرآن الكريم:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) .
رحم الله ميشال شيحا الذي تنبأ في صحيفة «لوجور» الفرنسية (بتاريخ 5 كانون الاول 1947)عن مصير العالم بالتركيبة اليهودية حيث شرح في مقالته خطر الكيان الصهيوني على العالم فقال: «إنّ قرار تقسيم فلسطين لانشاء الدولة اليهودية لمن أضخم الاخطاء في السياسة المعاصرة، إن امراً كهذا وان بدا يسيراً في الظاهر فلسوف تستتبعه عواقب غير متوقعة وليس من باب امتحان العقل اذا قلنا ان هذا الحدث الصغير سيسهم في زعزعة اسس العالم».