IMLebanon

نعم… الحرب ليست قدراً

  

 

شلاّل من «زت» المعلومات والأخبار والتحليلات التي إنهمرت مياهها فوق رؤوس اللبنانيين في عطلة نهاية الأسبوع، صبّت كلها في مجرى واحد: أن الحرب واقعة لا شك فيها، وإن إختلفت التقديرات بين ثلاثة سيناريوات: الأوّل أنّ الحرب ستقتصر على سوريا. والثاني أنّ هذه الحرب ستقتصر على لبنان. والثالث أنها حرب ستشمل البلدين معاً.

 

وزاد في مخاوف اللبنانيين أنّ الكلام على الحرب التي تُقرع طبولها ويعلن نفيرها بقوّة لم يكن مجرّد كلام من الذي يعلكه في هذه الأيام أيّ كان عبر وسائل الإعلام خصوصاً مواقع التواصل الإجتماعي حيث يخطر لمن يشاء أن يقول ما يريد أن يقوله فيتعمم على الملايين في لحظات… أما المتكلمون على الحرب فبينهم جماعات من مستويات علمية وثقافية رفيعة، وبينهم أساتذة في كبريات وأمهات الجامعات العالمية، وبينهم رسميون من عواصم كبرى معنية مباشرة في التطورات والمستجدات في المنطقة.

 

ولا نكشف سراً إذا قلنا إن هذه «المعلومات؟» تركت أصداءها الجدية البارزة في الرأي العام اللبناني المقيم والمنتشر على حد سواء… وقد سجلت آلاف الإتصالات من لبنانيين مقيمين في الخارج يحثون ذويهم على أن يبادروا إلى «تهيئة أوراقهم» للسفر في حال أمطرت أجواء الحرب الملبدة بالغيوم قنابلها وصواريخها و…مآسيها وفواجعها!

 

وزاد كذلك من نسبة القلق، بل المخاوف، التراشق الحاد بين واشنطن وموسكو. والتهديدات المتبادلة بين الطرفين ودخول العالم (وبالذات منطقتنا) في أجواء الحرب الباردة التي عشناها في القرن العشرين الماضي صراعاً كبيراً بين القطبين الأعظمين الإتحاد السوڤياتي ووراءه «الكتلة الشرقية»، والغرب (أوروبا + أميركا) ووراءه الولايات المتحدة. وكان صراعاً مريراً لم يتورع قطباه عن إستخدام أقذر الأساليب والوسائل بما فيها الأدوار البشعة التي مارستها وكالتا المخابرات والتجسّس الأميركية ممثلة بالـ CIA وامتداداتها وتحالفاتها، والسوڤياتية ممثلة بالـ KGB وكذلك بامتداداتها وتحالفاتها!

 

صحيح أننا، في لبنان، إنخرطنا في تلك الصراعات القذرة (من حادثة طائرة الميراج، الى إتفاق القاهرة، الى فتح لاند، الى الحرب بأهوالها الرهيبة…) لكن معاناتنا إشتدت (ولا تزال) بسبب أننا سمحنا (منذ العام 1948) بأن نكون البؤرة الملتهبة التي تجمّعت فيها عناصر أزمة الشرق الأوسط كلها، وأيضاً إمتدادات الحرب البادرة.

 

واليوم يتحدّث أركان الدولة العبرية بلهجة التهديد الموجه الى لبنان، ويصل الأمر الى حدّ التلويح بتدمير هذا البلد وإعادته الى العصر الحجري كما قال بعضهم حرفياً… وتجرى المناورات في جانب العدوّ التي «تحاكي» حرباً على لبنان؟!

 

هذا كله يجب أن يؤخذ في عين الإعتبار!

 

ولكن: هل الحرب هي قدر؟

 

في تقديرنا أن بإمكان الموقف اللبناني الموحد، وطنياً وديبلوماسياً، أن يحول دون وقوع الحرب باتخاذ سلسلة إجراءات قد تسهم في تهدئة الرؤوس الحامية في فلسطين المحتلة والتي تزداد حماوة مع اقتراب حبل الفساد من أن يلتف حول عنق بنيامين نتانياهو.

 

وهذه التدابير يُفترض ألا تقتصر على الدولة وحدها، بل أن يُسهم فيها فريق المقاومة، إنطلاقاً من أنّ مصلحة لبنان العليا يجب أن تتقدم على ما عداها.