اسرجوا الخيول، اقرعوا الطبول، وهاتوا فرقة الدبكة وفرقة الزفّة أيضاً… فلقد حان قطاف رؤوس أينعت… إنه قطاف الجنى في موسم العز الثالث لسيّد نفسه الذي أقل ما يقال في أعضائه الميامين إنهم محظوظون فوق العادة. فهؤلاء السادة النجباء جيء بهم لولاية من أربع سنوات، فمددوا لأنفسهم دورتين اكتملت بهما الولاية الثانية أربعاً اضافية، وها هم يدخلون عتبة الولاية الثالثة، بالتمديد الثالث، الذي تطلق صفاراته غداً لسنة تاسعة ليس يُعرف الى متى تستمر… فقد تطول وتطول وتطول لتصبح سنتين وربما أربع سنوات وبأيامها وأسابيعها وأشهرها: كلما استيقظ من غفوته/ جذب الزق اليه واتكا/ وسقاني أربعاً بأربع» (كما قال صاحب الموشح الشاعر الأندلسي إبن زهر).
فصحتين…
وألف مبرك لسادة أنفسهم… الذين استيقظوا من غفوتهم على التمديد الجديد!
أما لهذا الشعب فليس من كلام أفضل من «بتستاهلوا»!
وبعد، صاحب مشروع التمديد تحدّث في مجلس النواب، خلال جلسة المناقشة العامة الأخيرة، فاستعار من الفرنسي، «اميل دو جيراردين» العبارة الأكثر تداولاً في العالم حول شؤون الحكم والدساتير وهي:«Gouverner Cést Prévoir» وتعريبها في المعنى: الحكم هو الرؤية والإستشراف. ولو شئنا أن نطبّق هذا المبدأ على أهل الحكم عندنا لوقعنا في الخيبة، وفي الندم الشديد، وفي القهر لأننا صرنا، قولاً وفعلاً، في آخر ذيل القافلة.
وسلفاً نقول للجميع: نعرف مواقفكم.
ونعرف تخاذلكم.
ولكننا لا نقبل هذا ولا تلك. ولا نغفر لكم. ولا نأخذ بذرائعكم الواهية، وبتبريراتكم الفارغة، وبحججكم السخيفة.
كلكم مسؤول.
ما من أحد يستطيع أن يقول إنه غير مسؤول. ليس في مقدور أي منكم أن يتنصل من المسؤولية.
تسع سنوات، على الأقل، كان أمامكم المجال رحباً لتنجزوا قانوناً للإنتخاب.
ولم تفعلوا.
كان في مقدوركم أن تؤدوا دوركم. بإيجابية وليس بهذه السلبية المفرطة التي تصيب الوطن بأفدح الأضرار، فإذا لبنان بلد فاشل… بل سلطة فاشلة توارثت الفشل الذي يتناسل فشلاً.
لا الحكومة الحالية، ولا الحكومات المتعاقبة، في مقدورها أن تزعم أنها غير قادرة، و«مش طالع بإيدنا» و«ليس في الإمكان أفضل ممّا كان».
بلى… كان في إمكان مجلس النواب أن يلتئم ويتدارس مشاريع قوانين الإنتخابات العديدة، وما ينال الأكثرية يقر ويصبح قانوناً نافذاً تُـجرى الإنتخابات النيابية على أساسه؟
وكان في مجلس النواب إقتراح (مهما كان رأينا فيه سلباً أو إيجاباً) قد وافقت عليه اللجان المشتركة وهي تمثل معظم أطراف المجلس … فلماذا لم يعرض على الهيئة العامة لمناقشته؟!
وكان في مقدور الحكومة الحالية والسابقة إرسال مشروع الى مجلس النواب أو تبني المشروع السابق.
إن ما جرى ويجري يشكل مجزرة في حق الديموقراطية.
إنها فضيحة لا يتحمل مسؤوليتها طرف واحد. بل الأطراف كافة، بمن فيهم الذين سيحردون ويقاطعون، فالفشل مشترك.
إنها جمعة الآلام؟!
فعلاً!