لا يحتاج الرئيس تمّام سلام إلى التذكير أن عليه أن يتحمّل كامل المسؤوليّة بصدره. بنفسه. فهو رئيس الحكومة. بل هو الجمهوريّة في زمن الفراغ الرئاسي. وهو السلطة. وهو المرجع الأوّل. ومَنْ لا يعجبه من وزراء هذا الفريق أو ذاك فليمشِ.
ولكن، حذار أن يمشي تمّام سلام، فيأخذ الجمهوريّة معه. وقد تسقط السيبة كلّها فوق رؤوس الجميع، بمن فيهم، بل مَنْ في المقدّمة من المعنطِزين الذين يسكرون من حبّة زبيب، أو يدوخون من مجرّد فرصة مارّة كغيمة لن تلبث أن تتبدّد.
لا شكّ في أن في هذه الهيزعة الزباليّة متضرّرون يريدون إحراج سلام فإخراجه.
إذاً، ما العمل؟
ليس في اليد سوى الصمود، والتمسُّك بالدستور. كل الناس، هنا وفي العالم العربي وعبر البحار، أخذوا علماً أن فلتان زلزال الزبالة في هذه الظروف العربيّة والإقليميّة الملعلعة هدفه الأوّل والأخير والوحيد الجمهوريّة. الجمهوريّة اللبنانيّة التي أوكلت تدابير أمورها إلى تمّام سلام وحكومته المشنشَلة بذوي الأهداف والغايات والأغراض.
كانت المعادلة في بداياتها: إما الزبالة وإما الأمن. ممنوع أن يدقّوا بالأمن، فكانت الزبالة، وما رافقها من المشاهد السينمائيّة المتنقّلة ليل نهار… وخصوصاً تلك الاستعراضات التي شملت محطات في المصيطبة وسيارة الوزير رشيد درباس.
ليست الحكومة، التي تتولّى في الوقت نفسه مسؤوليّات رئيس الجمهوريّة، مزرعة سائبة، أو متعدّدة الوريث والمستفيد. ولا هي لفشّة خِلق هذا الحزب المزنطر أو ذاك التيّار الذي لم تعد تتّسع الدنيا والساحات لطموحات أصهاره وأنسبائه ومحاسيبه…
لقد شبعت “حكومة المصلحة الوطنيّة” بهْوَرات وعراضات ومزايدات. فالوضع في لبنان الفالت السائب يفتّش عمّن يعينه ويخفّف الأعباء عنه، لا أن “يطمروه” بالزبالة جبلاً وساحلاً وبحراً.
يُدرك الرئيس سلام قبل سواه، وبكل ما يتحلّى به من قيَم وأخلاق وشعور بالمسؤوليّة، أن حكومته هي الركن الدستوري الأخير والوحيد في وطن الفراغ أو الفراغات، مما يدعوه لمواجهة الجميع ووضعهم أمام مسؤولياتهم وواجباتهم تجاه لبنان: لا استقالة. لا خضوع ولا استسلام لكل أنواع التهويلات والترهيبات، ولا مجال لاستدراج الفوضى السياسيّة، أو المزيد من مقوّمات عدم الاستقرار والأمان إلى البلد الممنوع من انتخاب رئيس للجمهوريّة، والعودة إلى ممارسة الحياة الطبيعيّة.
والرئيس سلام أثبت في أكثر من واقعة وأزمة حرصه على المؤسّسات والقوانين والأصول المعمول بها. ولا من قوة تثنيه عن قناعاته ومبادئه.