الدورة الـ37 التي حددها رئيس مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية، ستمرّ اليوم كسابقاتها، من دون نتيجة، لان مجلس النواب العاقر، لن يستطيع بتركيبته الطائفية والمذهبية، ان ينجب رئيساً، لا اليوم، ولا غداً، ولا بعد غد، لأن الانجاب يسبقه الحمل، وبدا واضحاً في خلال ما يقارب السنتين، ان جميع الوسائل والصلوات والنذورات لم تنجح في معالجة مجلس النواب وجعله قادراً على الحمل والانجاب، وقد يكون أول من تنبّأ بأن العماد ميشال سليمان، سيكون آخر رئيس مسيحي في لبنان، على حق في ما تنبأ به، وفي ما يأتي الاسباب الواضحة والخفيّة، التي تحول دون انتخاب رئيس في المدى المنظور، الاّ بحصول امر ما، أو حدث ما، يفرض انتخاب رئيس وليس بالضرورة ان يكون مارونياً.
في اول جلسة لانتخاب رئيس، لو ان رئيس المجلس، لم يكن على علم مسبق بنيّة انسحاب قوى 8 آذار، وهو راض عن هذا الانسحاب، ما كان سهّل لهم مهمة الانسحاب واقفل محضر الجلسة، وبالتالي فرض نصاباً دائماً من اكثرية الثلثين مع كل دورة لاحقة، والسبب الأساس لهذا التصرّف لا يمكن تفسيره الاّ بأن الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط ورئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري، لا يرغبون بوصول العماد ميشال عون او الدكتور سمير جعجع الى منصب رئاسة الجمهورية، وفي حساباتهم المضمرة اسماء اشخاص غير عون وجعجع، وقد كشف ترشيح النائب سليمان فرنجية، ومسارعة بري وجنبلاط وحزبي القومي والبعث الى الانضمام لتيار المستقبل في ترشيحه فرنجية، في الخطة A، وغير فرنجية في الخطة B. ولا يعرف بالضبط حتى الآن من هو مرشح الخطة B. وقد يكون جان عبيد، او العماد جان قهوجي، او العماد جورج خوري، او شخصاً آخر ما زال مخبّأ في كمّ الرئيس برّي، ولكن تحقيق هذا الحلم، دونه عقبات، تجعله من حيث المبدأ شبه مستحيل، اولاً لأن تفاهم عون وجعجع انتج قوّة شعبية مسيحية وازنة، لم يعد من السهل تجاوزها، وفقاً لمنطوق اتفاق الطائف وتفسيراته التي اعتمدها الرئيس برّي واصبح اسيرها او ملزماً بها، وثانياً ان قرار تكتل التغيير والاصلاح بمقاطعة جلسات انتخاب رئيس، وتضامن حزب الله، حليف العماد عون، مع هذا القرار، يستحيل معهما تأمين اكثرية الثلثين لانعقاد دورة انتخاب جديدة، ولو ان هناك نيّة لدى الطرفين الحليفين بالتراجع عن هذا القرار، لكان حصل منذ زمن، ولم ينتظرا حوالى السنتين لأخذ موقف مغاير.
* * * *
ماذا يعني هذا الواقع المرير المأزوم المغلق من الجهات الاربع، سوى انه لا رئيس جمهورية لدولة لبنان، لا في القريب ولا في البعيد، ولا يهمّ ان ضغط باراك أوباما، او تمنّى فرنسوا هولند، او ناشد البابا فرنسيس، وكرر تمنياته البطريرك الراعي، وهذا الواقع لا يعني ان ما يحدث هو الصحيح، بل يعني ان فريقا يعاند في عدم تطبيق الأعراف والميثاق، وما نصّ عليه اتفاق الطائف، وان فريقاً آخر، يعاند في تمسّكله بما يعتبرها حقوقاً يحاول الفريق الأول تجاهلها، واستضعافه في كثير من المجالات والحالات، وكأنه مواطن درجة ثانية، علماً بأن حلولاً عديدة طرحت للخروج من النفق المسدود، كان آخرها اقتراح رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني، احدها، انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، اوا جراء انتخابات نيابية مسبقة والمجلس الجديد ينتخب الرئيس، او يترشح عون وجعجع ويترك لمجلس النواب انتخاب احدهما، ولكن جميع هذه الاقتراحات الحلول رفضت، وحلّ محلّها «نقّ» » متواصل بضرورة وواجب واهمية انتخاب رئيس للجمهورية، وكل «نقّيق» يحمل هدفاً مختلفاً عن الآخرين، فهذا يريد ان يصل الى قصر بعبدا، وهذا الى السراي، وذلك الى مجلس النواب، والقلّة هي التي تريد فعلاً مصلحة لبنان وتدعو الى رئيس يكون «قدّ الحملة» وبمستوى المرحلة، ولكن الشعب يريد ان يسقط هذه الطبقة السياسية الحاكمة التي جعلت من الفساد شعارها، ويريد لامركزية ادارية موسّعة، او فيدرالية مدروسة جيداً، اون ظاماً علمانياً لا دور فيه للطائفة والمذاهب الاّ ضمن الكنيسة والمسجد والخلوة، بخلاف ذلك… تصبحون على وطن.