ثمة ما هو مخيف، بل مرعب، في واقع ملف اللجوء السوري الى لبنان. فإضافة الى نزوح عدد كبير من الارهابيين يتبيّن وجودهم يوما بعد آخر بجهود الاجهزة الامنية، يضاف اليهم عدد من اللاجئين الفلسطينيين هربوا من مخيمات سوريا، واستوطنوا مخيمات تشكل أساسا معضلة أمنية إنسانية سياسية اقتصادية للبلد المضيف، فإن قراءة في عالم الارقام تقدم رؤية استشرافية للأسوأ المقبل علينا.
أشارت صحيفة “الغارديان” البريطانية الى أن “ما يقرب من مليوني لاجئ سوري ( اكثر من نصفهم في لبنان) يواجهون ازمة كارثية جراء نقص امدادات الغذاء خلال الشتاء الحالي، وذلك بعدما دفعت ازمة نقص التمويل برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة الى تعليق امداداته الغذائية “.
وكان البرنامج خفّض سابقاً قيمة القسائم الغذائية من 30 الى 20 دولاراً شهرياً، مما تسبب بأزمة كبيرة في اوساط اللاجئين، واعلن انه يحتاج الى 412 مليون دولار في الاشهر الستة المقبلة لمواصلة عمله.
من جهة ثانية، خصص التقرير الاسبوعي لمفوضية اللاجئين في لبنان للحديث عن واقع التربية والتعليم. وجاء فيه ان عدد الأولاد السوريين في لبنان الذين هم في سنّ الدراسة، يبلغ 470 الفاً، منهم 386 ألفًا في مرحلة التعليم الابتدائي. ووفق التقديرات، هناك أكثر من 50% منهم تراوح أعمارهم ما بين 5 و17 عاماً غير ملتحقين بالتعليم. وصرح وزير التربية “ان كل تلميذ لاجئ يكلفنا اكثر من 1500 دولار سنويا، ودفعنا العام الماضي ما بين 150 و200 مليون دولار، والتكلفة الاضافية لاستيعاب التلامذة تحتاج الى 200 مليون دولار”.
وفي مجمل ارقام اللاجئين السوريين في لبنان، بلغ عددهم نحو مليون و350 الف لاجئ، وينجب هؤلاء نحو 40 الف طفل سنويا، مما يعني ان عدد الولادات بلغ نحو 100 الف لاجئ اضافي منذ منتصف 2011.
وتظهر احصاءات غير رسمية ان اعداد العمال السوريين في لبنان تجاوز الـ 700 الف، منهم 7 آلاف حصلوا على اجازات عمل، مما يعني انهم يرفعون من نسبة البطالة في لبنان، ولا يوفرون للخزينة العامة اي مدخول اضافي. وبما ان سوق العمل اللبناني لم ينظم منذ زمن بعيد، خصوصا مع العمالة السورية الوافدة من دون قيود او شروط، فإن التضييق لن يدفع بهؤلاء للعودة الى بلادهم، بل يستدرجهم للقيام بأعمال غير مشروعة، وقد يلتحقون بخلايا ارهابية نائمة تمهيدا للقيام بأعمال تخريب.
والسؤال الابرز يتعلق بالفتيان الذين لا يتوافر لهم التعليم، وتنقصهم وسائل التدفئة شتاء، وقد ينقطع عنهم الغذاء، فأين يذهبون، وماذا يفعلون؟ هم جيش من الأميّين الفقراء الناقمين، ينمو عديده 40 الف سنويا، وربما تستثمره الجماعات التكفيرية لتنظيمه، فنجد انفسنا لاحقا في مواجهة واقع جديد متفجّر.