لمن لا يعرف فإن مفوضية اللاجئين اسمها الحقيقي هو:
«المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»، من هنا نُطلق عليها لقب صاحبة السمّو، وهي التي تؤدي دوراً مدار تساؤل كبير بالنسبة الى النزوح السوري الى لبنان… وربما أيضاً بالنسبة الى أساس مهمتها ذات الصلة باللاجئين الفلسطينيين.
والمسألة التي جعلت العين اللبنانية «تحمرّ» من هذه المفوضية السامية (… جداً) ليست مرتبطة فقط بما تسرّب من أسئلة مندوبيها الموجهّة الى اللاجئين السوريين، وبالذات الآلاف الثلاثة الذين قرروا العودة الى الداخل السوري، إنما هي أيضاً مزمنة، كون الكثير من المآخذ يسجل على هذه المفوضية، ما يجعل دورها (دائماً وأبداً) موضع شبهات. حتى بالنسبة الى القضية الأساس: اللجوء الفلسطيني الى لبنان.
وبات واضحاً أنّ الأسئلة التي وُجّهت الى العشرات، وربما المئات، من النازحين السوريين الذين تهيأوا للعودة الى بلدهم كانت قد «رُتّبت» فوُضعت بأسلوب واضح الأبعاد يهدف الى تخويفهم من العودة. فالأسئلة حملت في مضمونها هدفها البعيد وهو: بقاء النازحين السوريين في لبنان. هذه الأسئلة «الملغومة» تضمّنت ترهيباً من النظام. وتضمّنت تيئيساً من ظروف العيش. وتضمّنت إنذاراً بأنّ العائدين ستتوقف عنهم المساعدات الدولية فور رجوعهم الى وطنهم.
ولم تستثر هذه اللعبة المكشوفة وزير الداخلية جبران باسيل وحده، بل في معلوماتنا أنها إستثارت أيضاً استنكار وغضب غير مرجعية، بالذات لأن توقيتها غير بريء على الإطلاق، فهي توافقت مع قرار لبناني قاطع بحتمية عودة النازحين (طبعاً الى مناطق سورية آمنة) وعشية عودة النازحين الثلاثة آلاف.
إلاّ أن اعتراض الرئيس سعد الحريري على موقف باسيل ليس إقراراً لهذه المفوضية بصوابية مواقفها، إنما كي لا يجد لبنان ذاته في صراع مع الأمم المتحدة ومؤسساتها وهو في غنى عنه خصوصاً في هذه المرحلة الحساسة.
والواقع أنّ المنظمات الدولية تتعامل مع مشروع الدولة اللبنانية لإعادة النازحين السوريين الى بلدهم بكثير من اللامنطق، خصوصاً بالعمل على عرقلة هذا المشروع.
لماذا؟
هذا هو السؤال الذي لا تتوافر أجوبة حاسمة عنه، ولكن في المطلق يمكن الإستنتاج أن الدول الغربية (أميركا +أوروبا الغربية) تخشى أن تعقب عودة النازحين من لبنان الى سوريا موجات نزوح (من العائدين أنفسهم) الى أوروبا والأميركيتين… وهذه الكأس لا يريدونها أن تقارب شفاههم ولكن لا بأس في أن يشربها لبنان حتى الثمالة و… الإختناق!
وهذا الموقف الأممي والدولي تتوضح أبعاده أكثر فأكثر لمجرد التمعّن في الوعود والعهود المقطوعة من الدول المانحة لمساعدة لبنان في مواجهة أزمة النزوح ليتبين أن ما تحقق من تلك الالتزامات والعهود والوعود هو القليل القليل، وأما الدعم المالي الموعود فلم يصل منه إلا ما لا يُذكر، أو أقله، ما لا يفي بالغرض في أي حال من الأحوال.
وهذه النقطة لا خلاف عليها داخل السلطة اللبنانية.