إيران ترفع الصوت، تهدّد، والموجّه التهديد إليه هو الولايات المتحدة الاميركية، وسبب التهديد أنّ واشنطن تفرض حصاراً إقتصادياً قاسياً على إيران وهذه تقول بلسان قادتها العسكريين والمدنيين وأركان الحرس الثوري: إذا كان نفطنا ممنوعاً عليه المرور عبر مضيق هرمز، فلن يمر نفط أي بلد آخر، كما لن يستفيد أي بلد آخر من الملاحة عبر هذا المضيق.
إذاً، إيران تهدّد، وفي تقدير الكثير من المراقبين والمحللين في وسائط الإعلام العالمية أنها تلعب بالنار فوق منطقة مشتعلة بأداة الاحتراق الأولى، أي النفط.
يفترض بإيران أن تبحث عن الحلول بدلاً من أن تسعى الى مواجهة من شأنها أن تشعل المنطقة وأول من سيلتهمه الحريق هو إيران ذاتها… ولن نظن أنّ القيادات الايرانية تجهل هذه الحقيقة الفجّة.
وفي تقديرنا أنّ الولايات المتحدة الاميركية وسائر الدول (مجموعات وفرادى) لا تستهدف إيران إلاّ من حيث إبلاغها أنّ دورها قد انتهى، الدور التمدّدي خارج حدودها والذي كثيراً ما تغنّى به أولئك القادة الذين بلغت بهم الغطرسة حدّ القول، مراراً وتكراراً، إنهم بسطوا نفوذهم، بل سيطرتهم، على عواصم أربع، والبلدان الأربعة في المنطقة التي قصدوها هي سوريا والعراق ولبنان واليمن.
لقد انتهى الدور، وانتهت المهمّة التي كُلّفت إيران تنفيذها وهي تدخل في إطار خطة كيسنجر التي طلع بها في سبعينات القرن الماضي، ولها هدف ووسيلة، أمّا الهدف فهو تأمين إسرائيل بشكل كامل، وأمّا الوسيلة لتحقيق الهدف فهي تدمير الجيوش العربية.
بداية جرى تحييد الجيش المصري من خلال اتفاقيتي «كامب دايڤيد» اللتين وقعتهما مصر مع إسرائيل برعاية الرئيس الاميركي جيمي كارتر.
وكرّت السبحة ولكن بقساوة:
جرى تدمير الجيش العراقي في العام 2003 بعد الغزو الاميركي الذي وجه ضربة قاضية الى العراق، بعدما كانت حرب الخميني على العراق قد أرهقت الجيش العراقي.
كما جرى تدمير الجيش السوري من خلال فشل النظام السوري في تفهم مطالب شعبه الذي انطلق في تظاهرات سلمية تطالب بالحرية والديموقراطية والانتخابات النزيهة… فكان أن ردّ النظام على الشعب الأعزل بالنار والحديد ولم يكتف بتحويل الجيش الى أداة قمع ضارية ضد شعبه، ولم يلبث هذا الجيش أن بدأ عديده يتناقص ليقتصر على أبناء الطائفة العلوية وحدهم… ثم راح النظام يخرق سيادة الوطن ويقضي على معنويات الجيش بالاستعانة بالجيش الروسي وبـ»حزب الله» وبعشرات الميليشيات الشيعية.
وهذا الذي حصل كلّه ما كان يمكن أن يحصل لولا المهمّة التي أوكلت إلى إيران لتنفذها، والتي تواصل تنفيذها في سوريا والعراق وأيضاً في اليمن.
والذي أصدر التكليف قرّر أن «المهمة اكتملت»، وأنّ إيران بات مطلوباً منها أن تستعيد حجمها، أي أن تنسحب من سوريا ومن العراق، وأن توقف مساعداتها الى «حزب الله» والحوثيين في اليمن وبعض أطراف المعارضة في البحرين.
وفي اليقين أنه عندما تدرك إيران أنّ الذي كلفها هذه المهمة قد سحب تكليفه، وإذا عملت طهران بهذا الإدراك فإنّ المنطقة ستستعيد هدوءها بعد أن تعود إيران الى… إيران.
عوني الكعكي