Site icon IMLebanon

سلاحك من الله

… ونطَقَ فخامة الرئيس وقال الكلام المباح على السلاح، فالتهبتِ المواقف وانطلقت الألسنة المكبوتة من أوكارها، وعادت الثنائيات الى مربَّعاتها الأوائل بين نصف لبنان السياسي النازح نحو السعودية، ونصفه الثاني النازح نحو إيران.

ولغة لبنان الرسمية تلعثَمتْ على ألسنة الملائكة بين: ما هو عربي وما هو أعجمي، وما هو شيعي وما هو سنّي، على ما يقول مثل فارسي «… الفارسية كانت لغة آدم وحواء، ولكنّ الملاك الذي أبعدهما عن الجنّة كان يتكلم التركية…»

الكلام على سلاح حزب الله كشَفَ فوارق التحالفات والعلاقة الجدلية بين الباطن والظاهر، وأَبرزَ التعارض الوطني الاستراتيجي: بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وبين المستقبل والتيار الوطني الحر، وبين حزب الله وسائر مَنْ كانوا ينتمون الى تلك السعيدة الذكر التي إسمها 14 آذار، ومع هذا التفكك الوطني، لا مستقبل للمستقبل، ولا لُبنانية للقوات، ولا حرية للتيار الوطني، ولا مستقبل لوطنٍ حرّ، بل يُخشى أن يصبح المستقبل شبيهاً بذلك الماضي الذي قيل: يُذْكر ولا يُعاد.

في اجتماع المجلس الوطني للتيار الوطني الحرّ المنعقد في 26 كانون الثاني المنصرم، وفي الورقة السياسية التي أعلنها الوزير جبران باسيل قال: ثلاثة أركان سياسية يتمحور معها العمل السياسي للتيار:

أولاً: حزب الله: لقوَّة لبنان وحمايته

ثانياً: القوات اللبنانية: لوحدة المجتمع وقوَّته

ثالثاً: تيار المستقبل: لبناء الدولة وتحقيق الشراكة

هذا المثلث الذهبي الجديد، شأنه شأن الثنائية، تحكمه التفاعلات النفسية التي خلَّفتها الحرب في لبنان والحروب الدائرة في المنطقة، وإنَّ أيَّ ثنائية أو ثلاثية مضطربة الأهداف ومحكومة بخلفياتها، لا بدّ من أن تستنبط رواسب البواطن فتصبح خطراً على نفسها وعلى كلِّ أحاديَّةٍ فيها.

ولأن الثنائية القائمة على توازن القوّة المشدودة بغريزة استقواء الذات، مهيَّأةٌ للتصادم أو للإنهيار على غرار الثنائية العالمية القطبية بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي، فيما العالم اليوم مع تطوره التكنولوجي المنفتح على اللّامحدود، بات يتَّجه نحو تعدّدية الأقطاب.

وسقوط الثنائيات القطبية في العالم الخارجي، ينطبق على سقوط الثنائيات الوطنية التي نجا منها العالم الخارجي ووقع فيها العالم العربي.

ولبنان التاريخي سقطت معه الثنائيات: العثمانية والفرنسية والعربية والقومية والجغرافية، وظلَّت تحكمه بشراسة: ثنائية إقطاعية ومذهبية منذ سنة 1860 حتى 2017، وستستمر فيه السنون حبلى بالرزايا والمنايا، ما دامت «البداوة تتغلب على الحضارة» على ما يقول إبن خلدون، وما دامت الغيبوبة الوطنية متلازمة مع خرافة العقل، لأن أفضل أرض لزرع الخرافات هي مجتمع يكون فيه مستوى الرجال أدنى من استحقاقات الشعب.