حدّد المحقق العدلي طارق بيطار موعد السادس من أيلول، أي اليوم، لاستجواب الوزير السابق يوسف فنيانوس بعد تأجيل الجلسة لتعذّر تبليغه، وذلك على أثر تسطيره مذكرة إحضار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي رفض المثول أمامه، وسط انقسام حاد تسبب به قرار المحقق العدلي.
في الواقع، فإنّ رفض دياب المثول أمام بيطار ناجم عن اصرار فريق سياسي بأكمله على احترام مقتضيات الدستور في ما يخصّ إنشاء المجلس الأعلى لمحاكة الرؤساء والوزراء، ما يعني أنّ مجاراة المحقق العدلي قد تُعد بنظرهم تنكّراً لمرجعية المجلس الأعلى وضرباً له على نحو مخالف للدستور.
فهل سيحضر فنيانوس أمام المحقق العدلي؟ وما هو تعليقه على الإدعاء المسطّر بحقه؟
بداية يؤكد وزير الأشغال السابق أنّ “دماء الشهداء والجرحى الذين وقعوا يوم الرابع من آب، تسمو فوق كل نقاش أو جدل قانوني، لأنّ الحقيقة وحدها تبلسم بعض الجراح، ومن هنا لا بدّ من التركيز على كيفية الوصول إلى هذه الحقيقة، لا الانجرار وراء أجندات سياسية ظالمة، فيما الظلم لا يقلّ قساوة عن وجع فقدان الأحبة. وما يحصل إلى الآن، هو مسار ظالم بحقّي”.
ويشير إلى أنّه أمام مسارين، “إمّا المثول أمام المحقق العدلي وبالتالي التنكّر للمادتين 70 و71 من الدستور والقانون رقم 13 المتعلّق بأصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى المنصوص عنه في المادة 80 من الدستور، وإمّا رفض المثول ما قد يعتبر بنظر أهالي الشهداء هروباً أو خوفاً على براءتي ولو أنّني مؤمن بها أشدّ الايمان وسأسعى لاثباتها، ولكن سلوك هذا المسار يعطيني الحقّ لممارسة كلّ الوسائل القانونية المتاحة بدءاً بالدفوع الشكلية، وصولاً إلى دعوى الردّ للارتياب المشروع مروراً بالطعن أمام مجلس شورى الدولة بمرسوم إحالة الجريمة أمام المجلس العدلي. ولهذا سأقدّم اليوم الدفوع الشكلية أمام المحقق العدلي، رغم بعض الآراء القانونية التي تنصح بعدم المثول أمامه لكونه مرجعاً غير مختص للنظر بما يُنسب إليّ من إدعاء”.
ويكشف أنّه اطلع على مضمون الإدعاء بوجهه خلال مثوله أمام نقابة المحامين في طرابلس في جلسة البتّ بطلب منح الإذن بملاحقته، ويردّ على هذا الإدعاء الذي تناول ثلاث نقاط، بالقول:
– أولاً، عدم التحرك بشأن الإحالتين الموجهتين من مدير عام النقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، اذ وصلته الأولى في 27 تشرين الأول 2017 وتتصل بـ”الإجراءات الواجب اتخاذها بشأن الباخرة روسوس الراسية في مرفأ بيروت وحمولتها التي تمّ تفريغها في العنبر رقم 12″، وهي جاءت ردّاً على إحالة هيئة القضايا المؤرخة في العام 2014 ما يعني أنّها قضية قديمة تتم متابعتها بشكل قانوني بواسطة هيئة القضايا. والثانية وصلت في 21 شباط 2018 وتتحدث عن “اتخاذ الإجراءات اللازمة لبيع السفينة والمواد التي تمّ تفريغها منها وخزنها في العنبر رقم 12”.
ويقول: “هاتان الإحالتان تعالجان مسألة الباخرة المتضررة، ولا تبيّنان أنّ هناك مواد قابلة للاشتعال أو للانفجار تستدعي التدقيق الاستثنائي أو التحرك من جانبي، فضلاً عن كون الإحالة موجهة إلى وزارة العدل- هيئة القضايا، أي الجهة التي تمثل الدولة اللبنانية في كافة النزاعات أمام كافة المراجع القضائية والتي ترعى مصالحها داخل لبنان وخارجه. كما أنّ وثيقة الإحالة والكتاب المرفق قد أعِدّا في المديرية العامة للنقل البري والبحري وليس في ديوان الوزارة، ويحملان تواقيع كلّ من المدير العام، رئيس الدائرة ورئيس المصلحة. وبالتالي يستوفيان كامل شروطهما الشكلية والقانونية”.
وهنا يضيف فنيانوس أنّه لا بدّ من الإضاءة على العلاقة مع القيسي: “فهذا الموظف الذي لم يصلني يوماً أي إخبار بحقه عن رشوى تلقاها وهو المعروف بتفانيه لدرجة أن كل من تعاقب على وزارة الأشغال يعرف جيداً رواية هذا الرجل، الذي كان يوصل أبناءه عند السابعة من صباح كل يوم إلى المدرسة قبل أن تفتح أبوابها، حتى في عزّ الشتاء، ليكون في مكتبه عند السابعة والنصف. وأنا لم أرفض توقيع أي من إحالاته أو قراراته نظراً لسمعته الطيّبة التي لم تدفعني إلى التشكيك يوماً بأي خلفية مريبة للتدقيق في عمله. فهو ابن الوزارة و”بيّ الصبي” فيها، ولو كنت أعلى منه سلطة، لكن بالنتيجة هو الذي يحفظها عن ظهر قلب”.
– ثانياً، مسؤولية وزير الأشغال عن البضاعة ربطاً بتعيين محمد المولى حارساً قضائياً. وهنا لا بدّ من السؤال، وفق فنيانوس: “هل يفترض بأي وزير يتم تعيينه أن يسأل عن كل الحراس القضائيين منذ تاريخ إنشاء الوزارة حتى تاريخ تسلّمه؟ بمعزل عما اذا كان المولى قد وافق على الحراسة أو تحفّظ عليها، كما أثبت محضر تعيينه حارساً، فهل أنّ قرار الحراسة القضائية يجعل من الحارس تابعاً لوزارته أم للقضاء الذي عيّنه كونه مسؤولاً أمام هذا القضاء؟”.
– ثالثاً، سلطة الإشراف على المرفأ، اذ يقول فنيانوس: “غير صحيح أنّه لوزير الأشغال سلطة آمرة على المرفأ كونها سلطة إشراف لا وصاية، وتنحصر صلاحيات الوزير في مرفأ بيروت بتوسعة المرفأ من خلال اعداد المراسيم وعرضها على مجلس الوزراء، وبالقرارات المالية، علماً بأنه لا سلطة أيضاً للمديرية العامة للنقل البري والبحري على لجنة استثمار مرفأ بيروت، فيما صلاحية المديرية تبدأ من الشاطئ باتجاه المياه الاقليمية، وليس على موجودات المرفأ، المعروف بالحرم الجمركي”.
يضيف: مع الإشارة إلى أنّه فور تعييني وزيراً للأشغال، أفادني رئيس اللجنة الموقتة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت حسن قريطم أنه سبق له أن تقدّم باستقالته أكثر من مرة ولكنني طلبت منه الاستمرار في موقعه، كون الانتخابات النيابية على الأبواب (بعد ثمانية أشهر) وليتركها للوزير الجديد، ولذا طلبت منه تأجيل الاستقالة وتأجيل سفره إلى كندا لملاقاة عائلته. ولربما لو فعلها، لما كان في السجن موقوفاً…
ويعود ويؤكد أنّه “لا علاقة أو سلطة تربط وزارة الأشغال بإدارة استثمار المرفأ، بدليل أنّه طوال ولايتي لم أتمكن من تعيين موظف واحد في المرفأ كونها ليست من صلاحياتي، علماً بأن العدد انخفض من 1200 إلى 200”.
بالنتيجة، إنّ “أي من هذه الاتهامات المساقة ضدّي لا مكانة لها في القانون وغير مُسندة، وبالتالي أنا بريء مما نسب إلي والظلامة بحقي واصلة كما ظلامة الذين استشهدوا أو أصيبوا بالإعاقة أو دمّرت منازلهم. حتى أن حفل زفاف ابنتي الذي اقتصر المدعوون إليه على 183 شخصاً، صار قضية رأي عام تُحاسب ابنتي على أفعال منسوبة إلى والدها، وسيتبيّن أنه ظلم لاحق بي”.