Site icon IMLebanon

حركة شبابية… كيف تكون فاعلة؟

يكفي أن تنشأ حركة شبابية مستقلة تكون في موقع الفعل، ليعاد تصويب الحياة السياسية في البلد. حركة قادرة على الضغط تحت عناوين الاصلاح ومكافحة الفساد واعادة العمل في المؤسسات، لا تسيّرها قوى سياسية او طائفية ولا تخضع لحسابات ضيقة، او تتلطى خلف غايات، تستطيع ان تحقق الكثير من المطالب، وتفرض نمطا جديداً من التعامل يبن القوى في الامور التي تتعلق بقضايا الناس وبالملفات الشائكة التي تقضي اليوم على ما تبقى من مكتسبات اجتماعية لدى اللبنانيين. لكن نشوء حركة شبابية من هذا النوع يبدو صعبا في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها البلد على كل المستويات وفي مختلف القطاعات، حتى لو شهدنا تحركات شبابية اعتراضية خجولة، آخرها كان الاحتجاج على طريقة معالجة ملف النفايات، وقبله التحرك رفضا للتمديد الذي سرعان ما تحول حملة انتخابية للبعض، ولم يستطع بلورة خطة استقطاب للشباب يعزز التحرك ويعطيه صدقية لدى الناس.

وحين نتحدث عن الحركة الشبابية، لا يعني انها تلك التي تنشأ بقرار، من جهة هنا او هناك، بل هي حراك يراكم حول ملفات أساسية وقضايا متشعبة، أين منها حراك اليوم والاسابيع الماضية لدى الشباب الذين يغرقون سريعا في تعداد الانجازات والقدرة على الجمع، وهم يدركون ان حزبا او طائفة تستطيع أن تملأ الساحة بالناس اعتراضا على حق من حقوقها، واذا كانوا لا يدركون مشكلة، لأن جمع الاعداد ليس أولوية، فهو يأتي بتراكم القضايا والصدقية والاستقطاب، فيما الاولوية للوصول الى الرأي العام وحضه على الاعتراض واثبات خيارات التحرك وجدواه على طريق بناء الحركة الشبابية لتكون في موقع الفعل.

لكن، ينبغي القول ان لا معنى لحركة شبابية تحول تحركها الاحتجاجي لحملة انتخايبة، وكأنها تقدم نفسها بديلا عن الطبقة السياسية الحاكمة بمكوناتها المختلفة. وحين يرفع الشباب المعترضون شعارات كبرى، على مثال “نحو جمهورية جديدة” و”ليسقط النظام” هي فوق قدرتهم على التغيير، يسقطون عندئذ في مستنقع الهروب الى الامام، فالتسرع في رفع الشعارات الكبرى والتحرك على أساسها يجعل امكان الاستقطاب صعبا، فلا مجال في الاحتجاج الا ان تكون المطالب متدرجة، والبناء على أساسها تراكما يؤدي في النهاية الى بلورة نواة شبابية تخترق الاصطفافات القائمة.

أما الحركة الشبابية التي نطمح أن تكون فاعلة وقادرة، فلا يمكن ان تأتي إلا من خزانها في الجامعات، أي الطلاب. وفي غيابهم عن الحراك الذي ينطلق عادة من الجامعات، لا يعول أن تكون أي حركة شبابية مستقبلية في موقع الفعل، ولا حتى على قدر محدود من الاستقلالية. وبعد ذلك يمكن النظر الى النقابات، اذا كان بعضها لا يزال يمثل فئات اجتماعية، في تأدية دور ايجابي في رفد التحرك الشبابي الوليد، لا بل ان تكون في المقدمة. وهذا ما نفتقده اليوم!