IMLebanon

«اتحاد شبيبة ميشال سماحة» ونوستالجيا «ويكيليكس»

«اتحاد شبيبة ميشال سماحة» ينام على «تسريبات ويكيليكس» دهراً ثم يتذكّرها، و»ينقّف» فيها يوماً أو يومين بحماسة نوستالجية، ويعود كلّ طرف إلى جمله المكرّرة حول الموضوع، ثم يتوارى الموضوع وراء غيره من الموضوعات، كمثل اغتباط «اتحاد شبيبة ميشال وعلي والرئيس» بصفقة الإدارة الأميركية وروسيا لإطالة عمر النظام السوري في مقابل نزع أسلحته الكيماوية، وانشراحها للطائرات الأميركية حين تدكّ مواقع تنظيم «داعش» بالتنسيق مع فيالق «الحشد الشعبي»، الذي تحوّل الآن الى قدوة الممانعين، وشماتتها بقطاع غزة ومخيم اليرموك وقت العدوان عليهما، أو هي تتبارى في سرد الانتصارات الممانعاتية في اتفاق الاطار النووي، قبل أن يُبدي المرشد الايراني تحفّظه على هذا الاتفاق، فيتبكّم «السماحيّون» مجدّداً. 

هكذا تكون الهمّة في مقارعة الامبريالية، وفي انتحال معجمها في «مكافحة الارهاب»، وفي استعادة التعميمات الاستشراقية والاستعمارية ضد البداوة والصحراء، على افتراض أن الممانعة ليست شغلتها سوى إحياء مواسم الكرمة، وإحياء عبادة الاله باخوس والفلاحة والعمران. بعد كل هذا يعود «اتحاد شبيبة أبو الميش» الى سلواهم المفضّلة: تخوين الناس باستذكار تسريبات «ويكيليكس«.

باستثناء ما أدلى به المقرّبون من الممانعة أو بعض الممانعين للأميركيين، فان أكثر ما قاله أخصام الممانعة وأظهرته «ويكيليكس» هو نسخة مخفّفة، «لايت»، لطيفة، عما قالوه ويقولونه على الشاشات والاذاعات أو سطّروه في مقالات وحوارات، وإن كان من الضروري بالطبع تفعيل الثقافة السياسية لدى أخصام الممانعين فلا ينفع إن تكلم مسؤول ديبلوماسي متواضع كما لو أنه الحاكم بأمره في البيت الأبيض، مثلاً.

لكن على ما يبدو، كان «اتحاد شبيبة ميشال سماحة» ينتظر من أخصام الحزب والذين عانوا الأمرّين من معادلات من قبيل «السلاح لحماية السلاح» و»لبنان ليس أوكرانيا» أن يبدّلوا آراءهم أمام أي ديبلوماسي أميركي ويقولون له، إسمع يا هذا، مشاكلنا مع «الحزب» تبقى في بيتنا الداخلي، ولا علاقة لكم بها، والحزب حركة وطنية تحرّرية يحتضنها جميع اللبنانيين، ونحن «أولياء دم» في ما بيننا، نحلّها وفقاً لعاداتنا وتقاليدنا. 

لكن الديبلوماسي الأميركي سيقول له ساعتئذ، إن زعيم الحزب قال غير مرة إن المقاومة في غنى عن الإجماع الوطني، وهزأ بحيلة أو بأخرى من تسيّد الدولة على قرار الحرب والسلم. 

أم يراد أساساً من السفارة الأميركية أن تغلق كل أقسامها إلا القسم القنصلي المعني بالتأشيرات، فيحرّم الحديث في السياسة في حرمها، أو توضع فوق مدخلها عبارة «مركبار أمريكا». طبعاً، في هذا الوقت تتعاطى السفارة الايرانية الرياضة والأدب!

مرة جديدة، بوجه هذا الحضيض، ينبغي التأكيد على أمرين. لئن كانت الولايات المتحدة الأميركية دولة امبريالية، ولها العديد من السياسات الخاطئة عبر العالم، وسياستها مجحفة بحق الفلسطينيين والعرب بشكل عام، فإن اللبنانيين لا يمكنهم ان يكونوا أقل من الرفاق الفيتناميين في حرصهم على الصداقة مع الولايات المتحدة، والتسريبات التي يتحدّث فيها غير مسؤول فيتنامي عن أهمية التعاون الأميركي – الفيتنامي في مواجهة الصعود الصيني في منطقة بحر الصين الجنوبي هائلة، ولم يخوّن هؤلاء في فيتنام اليوم. بالعكس، فيتنام هذه انتصرت عسكرياً على التدخل الأميركي، وليس ايران التي ان بقي عندها طائرتان حربيتان فمن بقايا التسليح الأميركي لجيش الشاه!

المشكلة مع الممانعين انك لو سألتهم ماذا فعلتم أنتم ضد الامبريالية الأميركية فلن يجيبوك بما هم حقاً فعلوا (ضرب سفارة، قتل سفير، استهداف موكب سفير، خطف رهائن) وسيجيبونك خارج الموضوع (مقاطعة بضائع، التحريض على لبنانيين آخرين، التبشير بمقالات سايمر هيرش) في حين تجدهم يأملون أن تقتنع اميركا اكثر برأيهم بأنّ دعم بشار الأسد هو البديل الوحيد الممكن في مواجهة «داعش« و«النصرة». وطبعاً، كلما أظهر المرء دعماً لثورة السوريين، يُقال له انت تدعم «النصرة»، ويفترضون أن «النصرة» حزب ديموقراطي ليبرالي، أي باعتبار أنّ «حزب الله» يربّي كوادره على «المادية الديالكتيكية». 

ما علينا؛ يبدأ اليوم شهر حزيران المقرر ان يُختتم بتوقيع الاتفاق الغربي مع إيران. لا حتميات مسبقة في هذا الاطار. لكن المهم انّ هناك من يعتقد بسهولة العيش في زمنين في وقت واحد، زمن «الموت لأمريكا» وزمن الصلح معها. حسناً، هل يحتاج صاحبنا حينذاك إلى «ويكيليكس» ليكتشف أن أخصامه لا يجدون فيه، والحال هذه، اتزاناً؟!