Site icon IMLebanon

الزبداني : رحلة جديدة نحو تحرير دمشق

لم ينف حزب الله كل التحليلات والترجيحات ، رغم اختلاف منطلقاتها واهدافها، التي تزايدت الاسبوع الماضي متحدثة عن عزمه الاندفاع باتجاه استعادة مدينة الزبداني، بعدما نجح في تأمين سيطرته شبه الكاملة على منطقة جرود القلمون وفصله الزبداني عن جرود عرسال .

يروي مصدر عسكري مطلع على سير العمليات ان ظروف المعركة الدائرة حاليا واهدافها حتمت تغييرا في الاولويات ، خاصة مع تغيير حزب الله لتكتيكاته العسكرية في منطقة جرود عرسال، لتعود الى الواجهة منطقة الزبداني ، الممتدة على مساحة 395 كيلومترا مربعا ، والتي شكلت طوال الفترة الماضية ممرا للسلاح من لبنان باتجاه مناطق القلمون، عبر مجموعة كبيرة من الانفاق ، حفرها الفلسطينيون بداية الثمانينات ، قبل ان تستعمل من قبل المهربين طوال السنوات الماضية، لتعود وتقع تباعا بايدي المسلحين.

فاهمية الزبداني تكمن في موقعها الاستراتيجي، ما يجعلها نقطة حساسة وشديدة الخطورة فهي بعيدة حوالى الـ 11 كيلومترا عن الحدود اللبنانية، و45 كيلومترا عن العاصمة السورية ، تمثل نقطة وسط بين دمشق-حمص-الساحل السوري ، كما انها تطل عمليا على الطريق الدولي الواصل بين بيروت ودمشق، ما قد يسمح للمسلحين في اي لحظة بمحاولة التقدم باتجاه هذا الطريق والسيطرة عليه ، سواء مباشرة او بالنار ، ما سيؤدي عندها الى عزل دمشق عن العالم ، وفتح الطريق نحو التقدم باتجاه العاصمة والساحل السوري، خاصة في ظل الحشد المتمركز داخلها والذي تشكل جبهة النصرة عصب المجموعات المقاتلة فيها ، انضم اليها حوالى 1500 عنصر انسحبوا اليها بعد سقوط «قارة» وجرود «عسال الورد».

من هنا يتابع المصدر بان حسم هذه المعركة في المرحلة الحالية اصبح ملحا في ظل التسريبات عن خطط معدة للتقدم باتجاه دمشق من اكثر من محور، وبعد ما شهدته جبهتي درعا والقنيطرة ، ما سيسمح باراحة الحدود اللبنانية وقطع طرق الامداد نهائيا من الزبداني باتجاه القلمون، والاهم تامين العاصمة وخط اتصالها ببيروت، فضلا عن انه بعد السيطرة على الزبداني فان القلمون الغربي سيتهاوى تلقائيا مع انقطاع الامدادات عن المسلحين في ظاهرة سياسة استنزافهم المتبعة.

عليه تشير المصادر الى ان القيادة العسكرية قررت شن هجوم مباغت ضمن عملية واسعة في مدينة الزبداني بريف دمشق من أربع محاور رئيسية: من المحور الشرقي من جهة بلودان ومحور دوار الشلاح ومن محورين لجهة الغرب، من قلعة التل وقلعة الكوكو، ومن المحور الغربي الشمالي لناحية تل السنديان من جهة معدر، بهدف عزل المدينة وقطع اوصالها إضافة إلى عزل طريق الإمداد نحو سرغايا وعين حول لناحية القلمون من خلال تمكن القوات من الخرق السريع من بلودان من الجهة الشرقية ومن الجهة الغربية من تل السنديان بقرية معدر والتقت القوات في الوسط عند مرتفع كفر عامر (1411 عن سطح البحر) المشرف على قلب مدينة الزبداني من الجهة الشمالية وهكذا تم عزل المدينة بشكل كامل من الجهة الشمالية.

وفي التفاصيل ان الهجوم سبقه تمهيد مدفعي وجوي كثيف وغير مسبوق امتد على مدى اسبوعين ليبلغ ذروته خلال الايام الثلاث الماضية استهدف مواقع القيادة والسيطرة ، مخازن السلاح وخط الدفاع الاول للمسلحين ما ادى الى سقوط عشرات القتلى في صفوفهم وفرار الكثيرين الى الخطوط الخلفية باتجاه داخل المدينة، استتبع بعملية نوعية مباغتة، حيث قامت «وحدة الرضوان» في القوات الخاصة بالالتفاف على مواقع المسلحين متمكنة من فصل طريق «سرغايا-الزبداني» الذي يعتبر الشريان الاساسي لامدادات المسلحين ، بعد السيطرة عليه بالنار، ما دفع بالمدافعين الى القيام بهجوم فاشل استهدف الحواجز المحيطة بالمدينة لجهة الشرق ضمن ما سمي بعملية «البركان السائر»، ما ادى الى انكشاف مواقعهم واماكن تمركزهم ، وسمح لسلاحي الجو والمدفعية بقصف تلك المواقع وتدميرها واخراجها عمليا من المعركة. ولعل ابرز الاهداف المحققة خلال الساعات الماضية فتمثلت في تدمير الحزب معسكرا اساسيا تابع لجبهة النصرة مخصص لتدريب وتجهيز المقاتلين بالاضافة الى مقر قيادي للجبهة.

مصادر مقربة من حزب الله اقرت بان الحشد البشري والمادي الذي خصصه الحزب والجيش السوري لعملية تحرير الزبداني يفوق الحاجة المطلوبة ، بسبب التكتيك المعتمد والقاضي بتوزيع الحشود على كافة المحاور لارباك العدو وتضليله ،وتسهيل العمليات الامنية النوعية داخل المدينة ما سيسمح بانهيار دفاعات المسلحين وسقوطها بسرعة على غرار ما حصل في يبرود ، معتبرة ان الهجوم جاء بعد فشل جميع جهود المصالحة وبعد تسلل مئات المسلحين الفارين من بعض قرى جرود القلمون الى المدينة،مع الاشارة الى انه وفقا للمعلومات فان المهاجمين لم يفتحوا اي ممر آمن من اي جهة لتامين انسحاب المسلحين ، الامر المستغرب في التكتيكات العسكرية ، حيث يترك عادة ممر آمن للانسحاب لعدم اجبارهم على القتال حتى النهاية.

ايا تكن الاسباب والدوافع، سواء تعثر في جرود عرسال، ام فشل فشل «عاصفة الجنوب» من اسقاط درعا، ونجاح «عملية القنيطرة» في في قطع الطريق على المخاطر المتاتية من الجنوب، فان احدى اهم نتائج السيطرة على جرود القلمون كانت احكام الطوق على الزبداني ومباشرة السيطرة عليها وعلى تلالها التي تعتبر مراكز استراتيجية تطال طريق الغوطة وطريق دمشق.