Site icon IMLebanon

حرب زحليّة على “كورونا”… وغضب على “الصحة” و”الداخلية”

 

 

بعدما تناسى الشعب اللبناني لفترة قصيرة “كورونا”، عاد هذا الفيروس الفتّاك ليضرب من جديد ويزيد من هموم اللبنانيين الذين ضاقوا ذرعاً بالأزمة الإقتصادية وجنون الدولار.

 

يؤكّد جميع المسؤولين في الدولة أن “كورونا” تفشّى مجتمعياً ولم يعد من مجال لحصره لأن البلاد تتّجه نحو منزلقات خطيرة والقطاع الطبّي لم يعد قادراً على الإستيعاب إذا إستمرت الإصابات بهذه الوتيرة، لكن البلاد تقف حائرة بين الموت بـ “كورونا” أو “الموت الإقتصادي” السريع.

 

وأمام كل تلك الازمات، يُبادر المعنيون إلى اتّخاذ تدابير هي أقرب إلى المسكّنات، في حين تلجأ السلطات إلى عزل بعض المناطق التي يتبيّن ثبوت إصابات فيها.

 

ودخلت زحلة، عاصمة الكثلكة في الشرق، على رأس المناطق التي شعرت بخطر تفشّي “كورونا”، إذ إن الفحوص مستمرّة ولا يمكن إحصاء الأرقام حالياً لأن أحداً لا يعرف حجم التفشّي، في حين شكّلت إصابة عناصر الصليب الأحمر جرس إنذار مبكر لما قد يحلّ، إذا لم يتّخذ الزحالنة والجهات المعنية تدابير فورية.

 

لا يمكن فصل تاريخ زحلة عن المآسي والنكبات، لكنها كانت تخرج دائماً منتصرة، ويعود الأهالي بالذاكرة إلى غزوة الطاعون العام 1825 لكنهم قاوموه وانتصروا وباتت هذه الذكرى محطّة زحليّة سنوية في قاموس “جارة الوادي”. ولم تقتصر النكبات على الأوبئة والأمراض بل وصلت إلى الحروب خصوصاً مع حرب العام 1961 حيث دفعت زحلة فاتورة كبرى نتيجة لعبة الأمم، ولا ينسى الزحالنة حرب العام 1981 بقيادة الرئيس الشهيد بشير الجميل حيث استطاعوا هزيمة جيش الأسد في أكبر ملحمة بطولية من ملاحم حروب لبنان.

 

اليوم تقف زحلة في معركة كبرى وعالمية مع “كورونا”، وإذا كان الأهالي يفاخرون بتاريخهم ونضالهم إلا أن الجميع يعلم أنه لا يمكن الإستخفاف بهذا الوباء العالمي القاتل، لأن القوة أيضاً في الحكمة واختيار طريق المواجهة الأسلم وليس التعنّت.

 

ويروي رئيس بلدية زحلة المعلقة أسعد زغيب لـ”نداء الوطن” كيف تسلل “كورونا” إلى زحلة وتفشّى، ويشير إلى أن إمرأة أتت من سوريا وشاركت في عرس في الكرك ونقلت العدوى، وبعد وقت قليل من العرس، حصل إنفجار لقارورة غاز في أحد أحياء زحلة، فصعد رجال الصليب الأحمر لنقل المصابين ونتيجة الإختلاط ووجود حالات “كورونا”، إنتقلت العدوى إلى عناصر الصليب الأحمر والمواطنين، وبالتالي فإن الأمور تدهورت نتيجة هذه العوامل نحو الأسوأ. ويدعو زغيب المواطنين إلى وعي خطورة المرحلة والتقيّد بالإرشادات، لافتاً إلى أنه ينتظر ما ستقرّره وزارتا “الصحة” و”الداخلية” في شأن الوضع، لأنه لا يستطيع إتخاذ تدابير أحادية الجانب.

 

ويتحدّث زغيب بغضب عن أداء الوزارتين، “الداخلية” و”الصحة”، إذ يشير إلى أنهما “تقولان لنا تجهزوا لـ”كورونا”، وعندما باشرنا باتخاذ خطوات عملية وأمّنّا مركزاً للحجْر يتّسع لأكثر من 40 شخصاً كنّا بحاجة إلى موافقة الوزارتين، ومن آذار حتى اليوم لم يعطونا الموافقة، وبالتالي ماذا نفعل في هذه الحالة؟ وكيف نواجه حيث يحتاج عناصر الصليب الأحمر إلى مكان للعزل ولا يوجد أمكنة كافية؟”. وأمام كل ما يحصل يطالب زغيب بتدخل وزارة الصحة فوراً وإجراء فحوصات pcr عشوائياً والإطلاع على الوضع الصحي في المنطقة لكي لا يتدهور أكثر. من جهة أخرى، تُشكِّل زحلة، عاصمة المحافظة، همزة وصل بين البقاع وجبل لبنان وبيروت، ولذلك إن قرار عزلها يرتبط بشكل مباشر بالجهات المعنية في الدولة، في حين أن مستشفى الهراوي الحكومي يستوعب نحو 22 مريضاً بـ “كورونا” ويستطيع أن يتحوّل كله لهذه المهمة.

 

ويؤكد راعي أبرشية زحلة والفرزل للروم الكاثوليك المطران عصام درويش لـ”نداء الوطن” أن الوضع صعب في زحلة وكل لبنان ويجب إتخاذ تدابير فورية للحدّ من تفشّي الفيروس. ويتحدث درويش عن أن المطرانية تقوم بكل ما بوسعها لكنها لا تستطيع الحلول مكان الدولة، لافتاً إلى أن مستشفى تل شيحا غير مجهز لإستقبال حالات “كورونا”، لذلك يتواصل مع مستشفى الجامعة الاميركية لنقل الحالات الحرجة التي لا يستطيع مستشفى الهراوي معالجتها. ويعقد مطارنة زحلة إجتماعاً اليوم لتوحيد الجهود وحثّ المواطنين على الإلتزام بالتدابير الوقائية، ويكشف درويش أنه تم إلغاء كل المناسبات الإجتماعية في الكنائس من أعراس وتعزية، وحصر الأمر بالصلاة شرط وضع الكمامات واحترام التباعد. ويشدّد درويش على أن زحلة ستنتصر على “كورونا” لأن سيدة النجاة تحميها، والله لن يتركها لكن على المواطن أن يقوم بدوره لا أن يتكل على الله فقط وأن يتصرّف بطريقة صحيحة، لذلك فإن المسؤولية كبيرة على المواطنين والدولة من أجل هزيمة هذا الفيروس الفتّاك.