توفي الياس سكاف.. عائلة سكاف التي استطاعت أن تفتح بيدها اليمنى بيتها ومكاتبها أمام «الزحالنة» وتقفل بيدها اليسرى كلّ فرعٍ حزبيٍ كان يمنّي النّفس بالتمرّد على «البيك» داخل زحلة، تراجع حضورها، تماماً كتراجع الصوت الكاثوليكي المرجّح. أمس، كان للموارنة الكفّة المرجّحة داخل زحلة، حيث كان الناخبون الكاثوليك غير حاسمين في قرارهم لمصلحة «الكتلة الشعبيّة».
صحيح أنّ النتائج الأوليّة الصادرة عن الماكينات الانتخابيّة التابعة للوائح الثلاث: «زحلة الأمانة» برعاية «الكتلة الشعبيّة»، «زحلة تستحق» التي يدعمها النائب نقولا فتوش ويرأسها شقيقه موسى، ولائحة «إنماء زحلة» المدعومة من «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر» و «الكتائب» برئاسة الياس الزغبي، كانت متضاربة حتى ساعات متأخرة من ليل أمس، إلا أنه برغم ذلك، فإنّ المعلومات الأوليّة تشير إلى أنّ الأحزاب المسيحيّة استطاعت أن تخرق، ولو بشكلٍ متفاوت، في عقر دار «الكتلة الشعبيّة» وأن تثبت حضورها على حساب سكاف وفتوش. صوت سمير جعجع الذي كان يصدح حول ساحة سيّدة النجاة، وتصل أصداؤه إلى المكتب القريب لـ «الكتلة الشعبيّة»، لم يكن صدى، بل أضحى حقيقة. أعلام «الكتائب» و «التيّار الوطني الحرّ» المرفوعة داخل المدينة لم تحجب الرؤية عن صور «البيك»، إلا أنّها استطاعت أن تتقاسم السّاحة.
«قرّشت» الأحزاب المسيحيّة حشدها وترجم «القواتيون» و «العونيون» تحالفهم المستجدّ مخالفين التوقعات بإمكانيّة التشطيب. ربّما كانت نتيجة متوقّعة لما بعد الـ2005، حينما صارت الأحزاب المسيحيّة تتمدّد آخذةً بدربها لوحة سكاف الزرقاء في العام 2009.
ربّما سيفتقد «السكافيون» مقاعدهم البلديّة، وستفتقد معهم «عروس البقاع» المقولة الأشهر بأنّها مقبرة الأحزاب.. واليد التي كانت تحافظ على خصوصيّة زحلة واستقلاليّة قرارها، يبدو أنّها بدأت تتلاشى.
بالطّبع، لن تستسلم ميريام سكاف بعد إعلان النتائج النهائيّة التي قد تأتي على حساب «كتلتها». وربّما لن تغيّر قيد أنملة من مبادئها أو أسلوبها باستخدام التكتيك وتقريب بعض الخصوم منها أو ربط أوصال تحالفاتها من جديد أو حتى تغيير استراتيجيّاتها. هي التي رفضت في بعض الأحيان تقديم التنازلات التي تغيّر النتائج وقرّرت خوض الحرب على الجميع على قاعدة أكون أو لا أكون، مستفيدةً من إرث «السكافيين» وممّا تركه الياس سكاف تحديداً.
ولذلك، لا ينكر المتابعون أنّ إمكانيّة تراجع «الكتلة» لمصلحة «الأحزاب»، أو على الأقلّ عدم استطاعة سكاف حصد 11 مقعداً في المجلس البلديّ يخوّل فريقها انتخاب رئيس محسوب عليها واتخاذ القرارات يعود للكثير من الأسباب. فاختيار يوسف سكاف لرئاسة اللائحة وإعادة ترشيح 11 عضواً من البلديّة الحاليّة (التي يعترض الكثيرون على أدائها) لم يكن صائباً. فيما أتى اختيار «الأحزاب» لاسم أسعد زغيب موفقاً لجهة قربه من «الزحالنة» الذين يحفظون إنجازاته الإنمائيّة.
لا يحمّل المتابعون مسؤوليّة التضعضع الذي أصاب «السكافيين» إلى ميريام سكاف وحدها، وإنّما يعلمون أنّ لـ «حزب الله» يداً في قلب النتائج رأساً على عقب. إذ لم يلتزم الناخبون الشيعة المحسوبون على «حزب الله» و «حركة أمل» ومحمود أبو حمدان بهذه اللائحة، بل العكس،جاءت أصواتهم لمصلحة «الأحزاب» بعدما استغنت سكاف عن المرشّح الشيعي المحسوب على «أمل» محمّد حاوي. وهذا ما ظهر جلياً في قلم اقتراع الكرمة.
كما أنّ «لائحة حزب الله» استفزّت الشارع المسيحي الذي صبّ أصواته لمصلحة «لائحة الأحزاب».
اختلفت الأسباب، وتكاد النتيجة أن تكون واحدة: موطئ قدم في بلديّة زحلة التي كانت على مرّ الأعوام حديقة خلفيّة لـ «البيك»، ولو أنّ فرز المزيد من الأصوات عند ساعات الفجر قد يقلب المعادلة!