قراءة أولية في أرقام دائرة زحلة الإنتخابية
أظهرت النتائج الرسمية للإنتخابات النيابية في دائرة زحلة، بقاء التنافس على مقاعدها الـ7 محصوراً بين 5 لوائح، كما كان متوقعاً، مع بلوغ 3 منها فقط الحاصل الأول، وحدد بـ 13 ألفاً و241 صوتاً، بعد احتساب مجمل عدد المقترعين بدائرة زحلة مع من صوتوا بأوراق بيضاء وفي الإغتراب، وبلغ 92.691 ناخباً. وبالتالي سقطت تلقائياً جميع اللوائح التي لم تبلغ هذا الحاصل وحسم مجموع ما نالته أي 22 ألفاً و865 صوتاً من العدد الإجمالي للناخبين، فكان الحاصل الثاني وحدد بـ 9975 صوتاً.
وقد حلت لائحة «زحلة الرسالة» التي ضمّت تحالف «التيار الوطني الحر» مع «حزب الله» و»الطاشناق» في المرتبة الأولى من حيث عدد الأصوات التي نالتها وبلغت 27872 صوتاً، تلتها «زحلة السيادة» التي شكّلتها «القوات اللبنانية» وضمّت مرشح الرئيس فؤاد السنيورة عن المقعد السني وحصدت 25646 صوتاً، وحلّت «سياديون مستقلون» التي شكّلها النائب ميشال ضاهر في المرتبة الثالثة ونالت 15477 صوتاً، علماً ان حزب «الكتائب» أعلن دعم مرشحها الماروني سمير صادر ونال 1307 أصوات.
وكانت أولى اللوائح الخاسرة من بين المتنافسين على الحواصل «الكتلة الشعبية» وحصدت 12064 صوتاً ومن ثم «زحلة تنتفض» وحصدت 7713 صوتاً. أما اللوائح الثلاث المتبقية فجاءت نتائجها وفقاً لترتيبها على الشكل التالي: «لائحة التغيير» ونالت 1440 صوتاً علماً أن معظم هذا الحاصل أمّنه المرشح السني رضا الميس ونال 1142 صوتاً، فيما نالت «قادرين نواجه» 1316 صوتاً، و»القول والفعل» 332 صوتاً.
في الأرقام التي نالها الفائزون بالمقابل، تصدّر نائب «حزب الله» رامي ابو حمدان مرة ثانية قائمة النواب الفائزين حاصداً 16539، علماً انه ظل مرشحاً صامتاً طيلة فترة الحملات الإنتخابية، ولم يسمع له صوت حتى من ضمن مهرجان اللائحة الذي شارك فيها النائب جبران باسيل، وهو ما يؤشر الى أداء سينسحب على فترة نيابته، خصوصاً أن تصريحه الأول بعد ترشيحه إستجلب ردود فعل سلبية على حزبه.
وحل النائب جورج عقيص ثانياً بين الفائزين بعد نيله 11921 صوتاً، ثم النائب ميشال ضاهر وحصل على 9229، فالياس إسطفان ونال6758 صوتاً، وسليم عون ونال 5554 صوتاً، فبلال الحشيمي ونال 3855، وجورج بوشيكيان ونال العدد الأقل من الأصوات أي 2568.
في الأصوات التي نالها المرشحون السنّة على جميع اللوائح كان لافتاً تقدم مرشح «الكتلة الشعبية» محمد حمود بأصواته إذ نال 5869 وهو رقم فاق ما ناله مرشح السنيورة الفائز بلال الحشيمي وحصل على 3865 صوتاً. كما ان حمود تقدم على رئيسة لائحته ميريام سكاف ونالت 4825 صوتاً. علماً أن الرقم الذي حصل عليه حمود هو الأقرب الى فوز النائب عاصم عراجي الذي كان مدعوماً تماماً من تيار «المستقبل» في سنة 2018 وحصل حينها على 7224 صوتاً، الأمر الذي يؤشر الى قوة موازية للقوة السياسية إستخدمت في الشارع السني تحديداً، يعتقد أنها قوة المال والذي وإن لم تكن هناك دلائل تشير إلى استخدامه ولكن رائحته فاحت من أكثر من ماكينة إنتخابية، لتتوزع نتائجه على الجبهات المتنافسة. وعلى رغم دعوات المقاطعة السنية، وعدم دخول «المستقبل» في المواجهة الإنتخابية المباشرة، كان لافتاً أن أرقام المرشحين السنة على كل اللوائح، وحتى الخاسرين منهم جاءت أعلى من أرقام الخاسرين من باقي الطوائف، ما يشير إلى تنافس محموم على المقعد السني أولاً، كما على كسب الصوت السني كرافعة لمرشحين من غير الطائفة، الأمر الذي ستحدّده تفاصيل فرز الأصوات وفقا لكل طائفة في وقت لاحق.
ويمكن لتفاصيل الأرقام أن تكشف أيضاً مدى تأثير الصوت الشيعي ولو في جزء منه، كرافعة لباقي الفائزين على لائحة «زحلة الرسالة» أي النائب سليم عون والنائب جورج بوشيكيان، علماً أن نتيجة ابو حمدان جاءت اعلى من نتيجة النائب أنور جمعة من الدورة الماضية وحصل على 15601 صوت. أما عون فحافظ على عدد الاصوات التي نالها في الدورة الماضية فنال بالدورتين نحو 5500 صوت مقابل ارتفاع عدد الأصوات التي نالها بوشيكيان من 1845 على لائحة «الكتلة الشعبية» سنة 2018، الى 2568 صوتاً على لائحة الرسالة حالياً.
على صعيد المرشحين الكاثوليك، سجل تراجع بعدد الاصوات التي نالتها سكاف التي حصلت على 6348 صوتاً في سنة 2018، حيث شكلت أصواتها الرافعة الاساسية للائحتها ونالت 10885 صوتاً حينها، فيما بلغ مجموع الاصوات التي نالتها في الدورة الحالية 4825 صوتاً في وقت ارتفع حاصل لائحتها إلى 12064 صوتاً. وكان لافتا المستوى المتدني للاصوات التي نالها كل من المرشحين الكاثوليكيين الخاسرين على لائحتي «الرسالة والسيادة» الفائزتين، فحصلت المرشحة سابين القاصوف على 213 صوتاً فقط، فيما نال ربيع عاصي 148 صوتاً، ما يؤشر الى تصويت سياسي على مستوى لوائح الأحزاب، بانتظار تفاصيل إضافية حول نسب الإقتراع لدى كل طائفة، والتي ستبين حجم المشاركة الكاثوليكية في المعركة، بعدما بدت خلال الحملات فاقدة للحيوية نظرا لشح الترشيحات التي لم تستطع تغطية كافة اللوائح بمرشحين، علماً ان الطائفة الكاثوليكية تحل ثانية بعدد ناخبيها في دائرة زحلة، بعد الطائفة السنية التي بدت فيها حيوية إنتخابية لافتة. وإذا كانت «القوات» حافظت على عدد أصوات مشابه لنائبها الكاثوليكي عقيص وقد حصل في 2018 على 11363 صوتاً وعلى 11921 صوتاً في 2018، فإن التصويت له كان سياسياً بالدرجة الأولى وليس طائفياً. علماً أن «القوات» حددت خريطة لتوزيع أصواتها على مرشحيها المفضلين، فجيّرت لعقيص أصوات القواتيين الزحليين المغتربين، من دون أن يحرم ذلك مرشحها الأرثوذكسي الياس إسطفان من أصوات المغتربين تماماً. وكان لافتاً أن نتيجة إسطفان رفعت عدد الاصوات التي نالها المرشح الأرثوذكسي على لائحة «القوات» من 3554 صوتاً في 2018 الى 6758 صوتاً في الدورة الحالية، وتقدمت نتيجة إسطفان ايضاً على ما حصده المرشح الأرثوذكسي الأقوى في إنتخابات 2018 أي اسعد نكد الذي ترشح على لائحة تحالف «التيارين» حينها ونال 4138 صوتاً. أما بالنسبة للرابح عن المقعد الكاثوليكي الثاني فقد جاءت نتيجة النائب ضاهر أيضاً متساوية بين دورتي 2018 و2022.
على العموم، فإن نتائج إنتخابات زحلة ستمدّد لواقع حرمان المدينة من كتلة نيابية خاصة تتحدث باسمها، الأمر الذي لم يعد متاحاً بموجب القانون الإنتخابي المعمول به لدورة ثانية على التوالي. وانطلاقا من هذا الواقع، لفتت دعوة وجهها رئيس بلدية زحلة – معلقة وتعنايل أسعد زغيب الى النواب الفائزين للتوحد إنمائيا إذا لم يكن ذلك متاحاً سياسياً، وأعرب عن استعداد البلدية لتخصيص النواب بمكتب يمكن أن يخصص للقاءات دورية جامعة تناقش في مسائل زحلة ودائرتها الإنمائية، وتنقل المطالب من الورق إلى التنفيذ.
وفي أولى بوادر إظهار حسن النية التي أظهرت إمكانية تعاون بين نواب زحلة المنتخبين، كان لافتاً أيضاً ما صرّح به النائب ضاهر حول ضرورة الحفاظ على مقعد نائب رئيس مجلس النواب لمنطقة البقاع، مشيراً إلى أنه سيصوت للنائب المنتخب الياس إسطفان إذا رشحته كتلته.