لم تظهر اللوائح الإنتخابية بشكل كامل في زحلة، إذ إن معركتها تتوزّع على عدّة جبهات، في حين أن النقمة على السلطة هي الجامع المشترك بين الجميع.
تعتبر معركة دائرة زحلة من أهم المعارك التي تخاض فيها الإنتخابات وفيها 7 مقاعد تتوزّع كالآتي: 2 كاثوليك، ومقعد لكل من الموارنة والأرثوذكس والأرمن والسنة والشيعة.
وما بات ثابتاً حتى اليوم أن «القوات اللبنانية» ستخوض الإنتخابات منفردةً إذ تعمل على الحفاظ على الحاصلين اللذين حصدتهما في الدورة السابقة، وقد رشّحت حتّى الآن كلاً من النائب جورج عقيص عن المقعد الكاثوليكي والمحامي الياس اسطفان عن المقعد الأرثوذكسي ومنسق الحزب سابقاً في زحلة ميشال التنوري عن المقعد الماروني.
ومن جهة «التيار الوطني الحرّ»، فإنه يشهد تراجعاً حاداً في شعبيته لذلك سيتحالف حكماً مع «حزب الله» وحركة «أمل» لتأمين فوز مرشّحه عن المقعد الماروني النائب سليم عون.
وبالنسبة إلى رئيسة «الكتلة الشعبية» ميريام سكاف فإنّها لم تحسم تحالفاتها بعد، في حين كان هناك حديث عن إمكانية تحالفها مع حزب «الكتائب»، بينما يعمل النائب ميشال ضاهر على صوغ تحالفات من أجل تأليف لائحة.
وإذا كان «الثنائي الشيعي» يمسك بساحته، فإن الأنظار تتّجه إلى الساحة السنّية التي تملك كتلة ناخبة مؤثّرة، حيث من المتوقّع أن تتوزّع الأصوات على القوى الأساسية، في حين يُنتظر ما ستكون عليه خطوات رجل الأعمال بهاء الحريري وإن كان سيعمل على تأليف لائحة خاصة تحت عنوان «سوا للبنان» أو سيدعم إحدى اللوائح المعارضة.
لكن ما خرق الأجواء الإنتخابية في الأيام الأخيرة هو خبر تشكيل لائحة للمجتمع المدني في زحلة تتألف من الإعلامي جوني منيّر عن المقعد الماروني، غسان المعلوف وفوزي ليان عن المقعديْن الكاثوليكيَّيْن، نيفين عزيز الهاشم عن المقعد الأرثوذكسي، ناريك إبراهميان عن المقعد الأرمني، إضافة إلى مرشح شيعي وآخر سنّي لم يحسما بعد.
قد يكون هذا الخبر أكثر من عادي في زمن الإنتخابات، لكن الحقيقة أنّ هذه اللائحة قد تشكّل الضربة الأكبر لوجود «التيار الوطني الحرّ» المتراجع أصلاً في زحلة ولمرشّحه سليم عون.
وفي التفاصيل، فإن الأصوات التفضيلية لـ»القوات» التي هي أكبر قوة حزبية مسيحية في زحلة ستذهب بشكل أساسي للمرشّح الكاثوليكي عقيص، أما حزب «الكتائب» فوجوده خجول والأغلب أن مرشحه أرثوذكسي، أما بالنسبة إلى سكاف وضاهر فإن أصواتهما ستذهب حكماً لهما من أجل الفوز بأحد المقاعد الكاثوليكية، وبذلك تصبح المعركة بين مرشح المجتمع المدني جوني منيّر وسليم عون على المقعد الماروني.
لكن ما برز في الأيام الأخيرة أن ثلاث شركات إحصاء إضافةً إلى ماكينة «حزب الله» أجرت استطلاعاً لوضع اللوائح والمرشحين في الدائرة، وأظهرت النتائج أن قوّة «التيار الوطني الحرّ» لا تتجاوز 3000 صوت في زحلة ولا يمكن أن ينتخب سليم عون أكثر من 2600 مقترع عوني، بسبب مواقفه التي لا تشبه مبادئ معظم أهل زحلة وسوء أدائه كنائب، في حين أن الإستطلاعات التي أجريت ومن ضمنها استطلاع «حزب الله» كشف أن جوني منيّر ومن دون أن يعلن ترشيحه بعد، ومن دون دعاية انتخابية قد نال نحو 3800 صوت، أي إنه يتفوّق على عون بنحو 1200 صوت.
وأمام هذا الواقع المرير لـ»التيار الوطني الحرّ»، علمت «نداء الوطن» أن رئيس «التيار» النائب جبران باسيل سارع بعد معرفته بالأرقام إلى الإتصال بقيادة «حزب الله» لمدّ مرشحه، أي سليم عون، بنحو 4 آلاف صوت شيعي من أجل كسب المقعد الماروني، لأن ترك الأمور تأخذ مجراها ستجعل سقوط عون حتمياً وسيفوز منيّر الذي تعمل قوى المجتمع المدني في الدائرة لإقناعه بالترشّح لأنه يشكّل علامة فارقة في معركتها ويستطيع كسب المقعد الماروني.
لكن ما قد يسقط من حسابات «حزب الله»، أنّ تراجع «التيار الوطني الحرّ» في زحلة يعني أن اللائحة غير قادرة على حصد أكثر من حاصل، وإذا مدّ «الحزب» سليم عون بعدد أكبر من الأصوات فذلك يعني سقوط مرشّحه عن المقعد الشيعي وربما يفوز أي مرشّح شيعي آخر ببضع مئات من الأصوات، مثلما حصل بالنسبة إلى المقعد الشيعي في جبيل، وربما أيضاً قد يخطف المقعد الشيعي المرشّح على لائحة «القوات» مثلاً وعندها يُعتبر هذا الأمر ضربة قوية لـ»الحزب».
إذاً، فإن منيّر ينطلق من نحو 4000 صوت، في حين أن اللائحة التي يترشّح عليها مقبولة شعبياً لذلك سيرتفع هذا الرقم خصوصاً عندما يبدأ حراكه الإنتخابي، من هنا فإن سليم عون يواجه الخطر الحقيقي من منيّر حتى لو تأمّن له 4 آلاف صوت شيعي.