إجتازت الماكينات الإنتخابية للأحزاب السياسية في مدينة زحلة أول إختبار في عملية سير المعركة الإنتخابية، من خلال متابعتها الحثيثة لاقتراع المغتربين في مختلف بلدان العالم، وتجييش قدراتها والعاملين فيها من أجل تأمين أكبر قدر ممكن من التصويت لها في الخارج، بما يسمح لها الإنطلاق من أجزاء حواصل، يمكن أن تريح مرشحيها التفضيليين، وتسمح بالتالي بضبط الحسابات من أجل تأمين أكثر من ربح على لوائحها.
إلا أن هذا الإهتمام الذي أبدته الأحزاب والتيارات السياسية المتمددة الى المدينة، بدا أقل زخماً في ماكينات اللوائح غير المدعومة حزبياً، وقد اعتبرت مصادر بعضها أن حظوظ المعركة في الخارج غير متوازنة، خصوصاً أن من يهيمن على الإعلام المركزي ويغلب دعايته عليها، هو الذي يحصد الجو الإنتخابي الأوسع في الخارج، متمنية أن يكون الزحليون في الإغتراب أكثر وعياً في عدم الإنجرار الى اللعبة وتحكيم ضمائرهم، خصوصاً انهم الأقل عرضة للإغراءات المالية والإقتصادية في الخارج.
بلغ عدد ناخبي دائرة زحلة المسجلين في اقلام إقتراع الإغتراب 9566 ناخباً في 58 بلداً، سجل العدد الأكبر منهم في كندا، علماً أن الجالية الزحلية في هذا البلد هي من أنشط الجاليات، وأكثرها تضافراً، حيث عمل عدد منها على إنشاء نوادي مدينة زحلة التي وقفت طيلة فترة الأزمة اللبنانية الى جانب العائلات الأكثر ضعفاً وساندتها بشتى الوسائل. وشارك جزء كبير من هذه الجالية في مؤتمرين عقدتهما بلدية زحلة لإنتشارها، أسفرت عن مزيد من المساعدات للهيئات والجمعيات الأهلية التي تقدم الدواء والغذاء خصوصاً.
بلغ عدد الزحليين المسجلين للإقتراع في كندا 1902 ناخب، يليهم مباشرة المقترعون في الولايات المتحدة 1487 ناخباً وفرنسا 1363 ناخباً، فيما حلت الإمارات الأولى بين الدول العربية من حيث الزحليين المسجلين للإقتراع وقد بلغ عددهم 953 ناخباً ثم السعودية 625 ناخباً، وقطر 302 ناخب… وسجل العدد الأدنى للناخبين في كل من جمهورية جنوب افريقيا والغابون حيث لم يبد سوى زحلي واحد رغبة بالإقتراع، وناخبان في زامبيا وليبيريا والكاميرون، وثلاثة في مالي والدانمارك، وخمسة في هنغاريا وأنغولا والكونغو، فيما بلغ عدد الناخبين الزحليين المسجلين في سوريا 21 ناخباً فقط، وهذا الرقم لا يعتبر نهائياً، خصوصا أن في الدائرة عدداً كبيراً من الناخبين المقيمين في سوريا، وكانت الماكينات الإنتخابية تحضرهم سابقاً على نفقتها للإقتراع لمصلحتها. فيما بلغ عدد ناخبي دائرة زحلة المسجلين في إيران والعراق 14 ناخباً فقط. ولفت غياب البرازيل من قائمة البلدان التي فتحت صناديق إقتراعها لإنتخاب الزحليين، مع أن البرازيل كانت أولى وجهات الهجرة الزحلية، وكان لأهالي زحلة في هذا البلد تحديداً الأثر الاكبر في نهضة المدينة منذ مطلع القرن العشرين وحتى منتصفه، ما يشير الى انقطاع إرتباط الأجيال الزحلية المتعاقبة هناك بمدينتهم.
ووفقاً لمصادر الماكينات الإنتخابية فإن إجمالي عدد الناخبين المسيحيين في دائرة زحلة كان أكبر من الناخبين المسلمين. وقد وصل الى نحو 8 آلاف ناخب بمقابل نحو 1500 ناخب مسلم، سني وشيعي، ما يعني عمليا أن خيارات الناخبين توزعت خصوصاً بين لوائح الأحزاب المسيحية التي تخوض المعركة، أو المرشحين المستقلين والتغييريين.
وبدت ماكينة «القوات» مرتاحة لإستقطاب نحو 20 بالمئة على الأقل من إجمالي عدد المسجلين للإقتراع وفقا لمتابعي معركتها، وقد عملت على تأمين هذا الرقم، من خلال التواصل المباشر مع الناخبين أو ذويهم في الداخل. ووفقا لمصادرها، فإن «القوات» جيرت جميع أصوات الإغتراب الزحلي الملتزم لمصلحة النائب جورج عقيص، الذي غادر الى الإمارات لمتابعة معركتها عن قرب. وعقيص هو أحد مرشحيها التفضيليين عن المقعد الكاثوليكي، الى جانب المرشح الارثوذكسي الياس إسطفان. ولفتت المصادر الى أن هذا التجيير لمصلحة عقيص حصراً يأتي كجزء من التكتيك الإنتخابي الذي يستدعي إحتساب الأصوات بشكل دقيق، منعاً لصبها في مكان واحد في حال كان حاصلها عالياً، أو تشتتها في حال لمست ان حواصلها ستكون متدنية.
في المقابل، جير «التيار الوطني الحر» كل أصواته التفضيلية للنائب سليم عون المرشح عن المقعد الماروني، وبدا زخم «التيار» أقوى في فرنسا منه في بلدان أخرى، وإن أكدت مصادر الإغتراب في «التيار» أنها مرتاحة أيضا لحملاتها في مقاطعات كندا.
وبحسب متابعات الماكينات، توقعت المصادر أن تكون «القوات» الأقوى إغترابيا على الصعيد الزحلي، مع عدم إسقاط نسبة التصويت العالية ايضا لمصلحة اللوائح التغييرية. واعتبرت المصادر أن نتائج صناديق الإقتراع ستشكل مؤشراً لنظرة المغتربين الى الواقع اللبناني الحالي وكيفية الخروج منه. ولفت متابعون الى أن فرز أصوات المغتربين بدءاً من مساء يوم الأحد المقبل، سيشكل إنطلاقة العمل بالنسبة للماكينات الإنتخابية، من اجل بذل مجهود أكبر على كسب مزيد من المؤيدين في الخارج، بعدما تبين أن هؤلاء ينزعون الى عدم قطع العلاقة مع وطنهم الأم، وخصوصا في زحلة، التي تشكل جاليتها المتراصة خصوصية في مختلف دول الإغتراب، إن من حيث تعزيز الروابط في ما بينها عبر تنظيم لقاءات دائمة، والإجتماع في مناسبات زحلية خاصة، ونقل تقاليد المدينة وتناقل نشيدها بين الأجيال المتعاقبة. كما أنها جالية تبدي حماساً للإنخراط في كل عمل إنساني وإجتماعي ينعكس بشكل مباشر على المقيمين في المدينة.