مرحلة التشكيك بحصول الإنتخابات النيابية المقرر إجراءها في أيار المقبل انتهت والضغوط التي قد تمارس لتأجليها لن تجدِ نفعاً، بدليل التحضيرات لها انطلقت بصورة فعلية، حيث بدأت الاطراف الفاعلة بتحمية الماكينات الإنتخابية وتحريكها وفق برامج أعدت لها لتجنب الأخطاء والخروقات والقرصنة التي كانت تتعرض لها بعض الماكينات الإنتخابية في السابق والسيطرة على ملفاتها وإحصاءاتها.
دائرة زحلة هي من الدوائر التي تنشط فيها بوتيرة متسارعة حركة الماكينات الإنتخابية استعداداً لخوض معركة وصفها الكثيرون بالمفصلية عشية التحولات الاستراتيجية والعميقة في المنطقة والعالم.
المراقب المتتبع للخريطة السياسية والإنتخابية في زحلة وقضاءها، سيرى بوضوح وجود قوتين كبيرتين إلى جانب عدد من القوى الأخرى التي يعتبرها البعض أقل حجماً والمتنوعة الانتماءات والموزعة بشكل متفاوت بين هذه القوى، وعلى هذا الاساس يمكن القول أن المذهب الذي ستذهب إليه نتائج المعركة الإنتخابية في زحلة بات معروفاً من الآن بالرغم من عدم ظهور طبيعة التحالفات وتشكل اللوائح.
– القوة الأولى الكتلة السنية الأقوى في البقاع الاوسط، والتي كان يمتلك فيها «تيار المستقبل» ٧٠ % من ناخبيها ما زال على هذا النحو، بالرغم من اتخاذ الرئيس سعد الحريري قرار تعليق مشاركته وتياره في الحياة السياسية اللبنانية حتى إشعارٍ آخر، لأن الأكثرية الساحقة من الكتلة السنية الناخبة لا تزال ترتبط وجدانياً وعاطفياً بالرئيس سعد الحريري، إلا أن قرار الحريري الأخير قد أعاد خلط الأوراق من جديد وأربك بعض من كانوا يراهنون على «تيار المستقبل» وجمهوره الذي سيلتزم مع مرشحين أوفياء لسعد الحريري. وفي هذا السياق، يؤكد مصدر قريب من «تيار المستقبل» أن محاولات الرئيس فؤاد السنيورة أن يفرض نفسه بقوة الخارج مرجعية سنّية بديلة باءت بالفشل وماتت قبل أن تولد، وهذا ما أكده أمين عام «تيار المستقبل» أحمد الحريري في تغريدته التي أعقبت المؤتمر الصحافي الذي عقده السنيورة.
– القوة الثانية الكتلة الشيعية الناخبة الصلبة التي يمثلها الثنائي الشيعي في زحلة، والتي تمتلك حاصلاً وكسراً أعلى قبل الدخول في أي تحالف.
هاتان القوتان فرضت على القوى الأخرى في زحلة وبعض الشخصيات التأني في صوغ التحالفات خوفاً من المفاجآت.
ما بات معروفاً أن دائرة زحلة تتحضر لخوض المعركة الإنتخابية بأربع لوائح اساسية تتمتع برصيد شعبي متفاوت من هذه اللوائح، لائحة «الكتلة الشعبية» التي ستشكلها عقيلة الوزير الراحل إيلي سكاف ميريام سكاف بالتعاون مع شخصيات فاعلة ووازنة في محيطها، وتتحدث مصادر زحلاوية عن فرص متاحة أمامها أكثر من السابق، خصوصاً إذا نجحت بالتوصل إلى اتفاق مع رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي الذي تلقى اتصالاً من «القوات اللبنانية» في معراب عرض خلاله المتصل تحالفاً في قضاء زحلة، ووفق مصادر مقربة منه، لم يكن رد عراجي بالرفض القاطع فحسب، بل تخلله هجوماً كلامياً على القوات.
تجري «القوات اللبنانية» مروحة اتصالات مكثفة في الأوساط السنّية و في أكبر حواضرها في البقاع الأوسط مجدل عنجر- بر الياس – قب الياس، بحثاً عن شخصية سنية توافق على التعاون معها علّها تساعدها على تأمين الحاصل التي لا تبتعد عنه «القوات» كثيراً، إلا أن هذه الاتصالات لم تصل الى خلاصات مرضية، لكنها ووفق مصادر متابعة، كانت تعوّل كثيراً على كلمة سرّ، حسب وصفها سيعلن عنها السنيورة وابلاغها للمرجعيات السنّية في المنطقة، وكانت تروّج لذلك قبل عقد السنيورة مؤتمره الصحافي بأسبوعين، لكن كلمة السرّ هذه لم تكن سراً على أحد، وتوقعها الكثيرون قبل إعلانها والتي محاها الإصرار «المستقبلي» على معاقبة «القوات».
كما حاولت «القوات اللبنانية» إقناع رئيس مجلس شركة كهرباء زحلة أسعد نكد بأن يسمي مرشحاً مارونياً مقرباً منه، سعياً لكسب أصواته في المنطقة، لكن لم تنجح في ذلك.
من ناحية أخرى، تقول مصادر قريبة من «التيار الوطني الحرّ» بأن اتفاقاً انتخابياً مع حزب الله وقوى أخرى في المنطقة بات شبه منجز، وهذا الاتفاق اذا تمّ سيوفر حظوظاً للفريقين بإيصال مرشحيْن أو أكثر، ويحكى عن مفاجآت أخرى قد تأتي لصالحهما.
اللائحة التي شكل نواتها النائب ميشال ضاهر لم تكتمل بعد بانتظار الشخصية الكاثوليكية الزحلية لتأمين الغطاء الشرعي الكاثوليكي لهذه اللائحة والمرشح السنّي، علماً أن هناك بعض أصدقاء ضاهر قد ترشحوا على المقعد السني، لكنه يرفض التعاون معهم لمنع تسرب الأصوات التفضيلية من الطائفة السنية لهم، فهو يبحث عن شخصية سنية مغمورة لتكون من عداد لائحته.
أما موضوع مرشحي المجتمع المدني فهم مشتتون، تتجاذبهم الصراعات والخلافات، لذلك لم يستطيعوا حتى الآن إنتاج نواة لائحة أو الإتفاق على مرشح واحد.