العتمة تعمّ شوارع المدينة و16 قرية
زحلة و16 قرية في قضائها، من دون إنارة عامة، للمرة الاولى منذ ست سنوات ونصف، وهذه العتمة ستسود اياماً طويلة، وربما تمتدّ أسابيع، وذلك كتدبير إستثنائي لجأت اليه شركة كهرباء زحلة بالتعاون مع البلديات التي تتغذّى من خدمتها، إثر تراجع مخزونها من إحتياطي المازوت، بسبب عدم تلقّيها ليتراً واحداً إضافياً منذ يوم الجمعة الماضي.
وقطع التغذية عن أعمدة الإنارة العامة لن يوفر سوى 10 بالمئة من كمية إستهلاك الطاقة المنتجة، فيما الإحتياطي المتوفر لدى شركة كهرباء زحلة، لا يكفي سوى لبضعة أيام إضافية من التغذية، هذا إذا فرضت إجراءات تقنين إضافية قد تطال في مرحلة ثانية المعامل والشركات التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة.
بالتزامن، توجهت شركة كهرباء زحلة برسائل نصية الى الزحليين طلبت منهم “التخفيف الجدّي من إستهلاك الطاقة حتى تتمكن من الإستمرار بالتغذية 24 على 24 ساعة يومياً”، فهل هذا يعني أن زحلة على شفير إفتقاد إمتيازها الذي تتمتّع به منذ سنوات؟
تتجنب أوساط شركة كهرباء زحلة التصريحات الرسمية، إلا أنه وفقاً للمعلومات، فإن الازمة حالياً ذات شقين: أولاً تراجع التغذية المتوفرة من مؤسسة كهرباء لبنان الى الحدود الدنيا، فمن أصل 11 خطاً لتوزيع الإنتاج الواصل من مؤسسة كهرباء لبنان، لا يعمل حالياً سوى 3 أو 4 خطوط يومياً، وهو ما زاد الضغط على المولدات الخاصة بشركة كهرباء زحلة، التي تصل كمية إستهلاكها للمازوت الى 200 الف ليتر يومياً.
المشكلة وفقاً للمعلومات ليست في قدرة تجهيزات الشركة على تحمل ساعات التقنين إنما في شح مادة المازوت، وعدم سهولة تأمينها منذ أسابيع، وهو ما جعل الشركة تلجأ خلال المرحلة السابقة لشرائها حتى من المحطات الصغيرة، وبكلفة وصلت في تسعيرة السوق السوداء الى 75 الف ليرة.
منذ يوم الجمعة الماضي لم تتمكّن الشركة من توفير ليتر واحد من مصادرها التي تتنوع بين منشآت الزهراني، وشركات التوزيع، والمحطات الصغرى، وهذا ما سرّع إستهلاك الإحتياطي المتوفر لديها، والذي يكفي وفقاً للمعلومات نحو أسبوع، ولكن فقط لتأمين التغذية للمنازل. علماً ان هذه الازمة تترافق مع موسم حرّ، زاد فيه الإستهلاك المنزلي بنسب متفاوتة.
هذا الواقع جعل القيّمين على المؤسسة وفقاً للمعلومات يعيشون في حالة قلق، بالرغم من الوعود التي تلقتها الشركة من وزارة الطاقة ومنشآت الزهراني بمدّها بالكميات التي تحتاجها في الأيام المقبلة.
فيما القلق مضاعف لدى المواطنين الذين لا يخشون فقط خسارة “نعمة الكهرباء” المتواصلة التي تميّزوا بها منذ سنوات، وإنما بدأوا يقيمون حساباتهم للكلفة التي سيفرضها إستمرار هذه الميزة على جيوبهم التي أفرغها إنهيار العملة الوطنية.
ورفع التعرفة بات واقعاً لا مفرّ منه وفقاً للمعلومات، وقد لمسها المواطنون منذ الشهر الماضي، إرتفاعاً متفاوتاً في الفواتير، خلق هوة كبيرة بين السعر الذي كانت تتأمن فيه الطاقة في بداية توقيع عقد الإنتاج مع شركة كهرباء زحلة حين كان سعر صفيحة المازوت يتراوح بين 9 و10 آلاف ليرة، وبين الشهر الماضي عندما وصل سعر الصفيحة بالسوق السوداء الى 75 ألف ليرة.
إلا أنه بالرغم من هذا الإرتفاع في تأمين خدمة الكهرباء المتواصلة في زحلة والجوار، تؤكد المصادر أن أياً من المشتركين لم يتخلّف عن دفع الفاتورة، والسبب أن نسبة الإرتفاع لا تزال مقبولة جداً إذا ما قورنت بالإرتفاع الجنوني لأسعار معظم المواد الإستهلاكية، علماً أن إرتفاع قيمة فاتورة الكهرباء مقرون ايضاً بساعات التغذية التي توفرها مؤسسة كهرباء لبنان، والتي لا تزال مدعومة حتى الآن.
هذا الواقع كان يمكن تحاشيه في مدينة زحلة والقرى التي تنعم بتغذية كهرباء متواصلة في القضاء، لو أن وزارة الطاقة كانت قد وافقت، وفقاً للمصادر، على مشروعين تقدمت بهما شركة كهرباء زحلة، احدهما سنة 2015 والثاني سنة 2019 يؤمّنان التغذية بالطاقة البديلة، عبر بناء حقل إنتاج للطاقة المتجدّدة، علماً ان المشروع الاخير رفض سنة 2019 بحجة ان عقد الشركة هو لسنتين فقط، فيما يحتاج إعادة الإستثمار في إنتاج الطاقة البديلة لـ15 عاماً على الاقل.
بالمقابل، فقد أمّن لجوء المواطنين للطاقة البديلة على نفقتهم الخاصة نحو 11 ميغاواط طاقة من اصل 70 ميغاواط تنتجها الشركة، مع تصفير فواتيرهم وخصم الفائض منها من إستهلاكهم لإنتاج الشركة. ووفقاً للمصادر، كان يقدم لشركة كهرباء زحلة قبل الأزمة الأخيرة نحو 20 طلباً لمبادلة فائض كمية الطاقة البديلة التي ينتجونها منزلياً، اما حالياً فبالكاد تقدم معاملة أو معاملتان مشابهتان شهرياً، بعدما صارت كلفة تجهيزات هذه الطاقة توازي فواتير 50 سنة من إستهلاك الطاقة التي توفرها شركة كهرباء زحلة، نتيجة للإرتفاع الفاحش في سعر الدولار الأسود.
فهل تقضي هذه الظروف على الطاقة الإيجابية التي وعدت شركة كهرباء زحلة بها في بداية العام، بالرغم من كل الظروف؟