ستكون شركة» كهرباء زحلة» مجدّداً أمام موعد داهم مع إنتهاء عقدها التشغيلي الممدّد له، شهر آذار المقبل. وعليه يفترض بعد هذا التاريخ أن تسلّم الجهة المشغّلة الحالية كافة تجهيزات الشركة ومرافقها إلى مؤسسة كهرباء لبنان، التي سيكون عليها إدارة هذا المرفق الذي يؤمّن الخدمة لمدينة زحلة و16 بلدة في قضائها مباشرة، خصوصاً بعدما أخفقت المؤسسة حتى الآن بتحديد موعد إجراء مناقصة تلزّم الشركة لمشغّل جديد.
وهكذا إذاً تخلّفت السلطات الرسمية مجدّداً عن تبديد الهواجس التي ترافق كلّ مرّة إنتهاء مدّة عقد مشغّلي شركة كهرباء زحلة، منذ إنتهاء مرحلة إمتيازها السابق، وانتقالها إلى مرحلة عقود التشغيل الموقّعة مع وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان.
وبعد تمديد أوّل لعقد شركة كهرباء زحلة لمدّة سنتين، عام 2020، وثان إستثنائي لأشهر فقط، عام 2022، تتّجه السلطات الرسمية إلى التمديد لمشغّل شركة «كهرباء زحلة» الحالي مجدّداً، من خلال قانون يقرّه مجلس النواب في جلسته التشريعية المقبلة. وفي هذا الإطار ذكر النائبان ميشال ضاهر وجورج عقيص لـ»نداء الوطن» أنّ هناك مشروعيْ قانون وضِعا على جدول أعمال مجلس النواب المقبل، أحدهما قدّمه نائبا «القوات اللبنانية» جورج عقيص والياس إسطفان، والثاني النائبان ميشال ضاهر وجورج بوشيكيان وكلاهما وقّع عليهما أيضا النائب بلال الحشيمي. وفيما يطلب المشروع المقدّم من عقيص واسطفان التمديد لعشر سنوات للمشغّل الحالي على أن يتمّ السير بالموازاة بإجراءات التلزيم الجديدة، يطالب المشروع المقدّم من ضاهر وبوشيكيان بتمديد سنة واحدة للمشغّل الحالي، مع التشديد على إجراء المناقصة لتلزيم تشغيل الشركة خلال هذه الفترة.
وبما أنّ «القوات» حسمت قرارها بشأن مقاطعة جلسة مجلس النواب المتوقّعة يوم الخميس المقبل يقول عقيص لـ»نداء الوطن»: «إنطباعنا أنّنا إذا لم نحضر الجلسات كقوات، سيتمّ السير بالقانون الثاني، بعدما أكد جورج بوشيكيان أنّه سيكون حاضراً في الجلسة».
ولكن في حال لم يتأمّن النصاب أشار عقيص الى أنّ «هناك كتاباً مجهّزاً من قبلي ومن النائب الياس إسطفان يحثّ وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان على التحرّك ليطلبا رسمياً من شركة كهرباء زحلة تأمين إستمرارية المرفق العام، وفقاً لشروط عقد التشغيل السابق»، مشيراً إلى أنّ التوجه حتى الآن هو لعقد جلسة مجلس النواب.
دفتر الشروط
وفي ما يتعلّق بدفتر الشروط الذي يجري إعداده من أجل تلزيم شركة كهرباء زحلة وفقاً لمناقصة شفّافة، علمت «نداء الوطن» أنّ الموضوع دخل في طور تعديلات تقنية مطلوبة بناء لملاحظات وضعتها هيئة الشراء العام عبر اللقاءات المتواصلة بينها وبين إختصاصي مؤسسة كهرباء لبنان بمشاركة خبير أوروبي. والمبادرة حالياً هي بين يديْ مؤسسة كهرباء لبنان، التي على مجلس إدارتها أن يتّخذ قراراً نهائياً بشأنها، خصوصاً أنّ الخبراء أبدوا تجاوباً مع هذه الملاحظات بنسبة 70 بالمئة.
تصرّ مصادر في هيئة الشراء العام في المقابل على تجنّب ما تعتبره هفوات شابت دفتر الشروط السابق الموضوع من قبل مؤسسة كهرباء لبنان لإجراء المناقصة سابقاً، والتي جاءت وفقاً للمصادر مفصّلة على قياس المشغّل الحالي للشركة. وبحسب المعلومات، فإنّ الأمور التي لا تزال عالقة هي بحت تقنية، ويمكن حلّها خلال ساعات إذا ما توفرت النيّة بذلك. وحينها يمكن إطلاق المناقصة ولكن بعد الأخذ بالملاحظات التي طالبت هيئة الشراء العام بإدراجها من ضمن دفتر الشروط، مع الحرص على توحيد مضمون دفتر الشروط بلغتيه الإنكليزية والعربية طبقاً لهذه الملاحظات.
وهذه الملاحظات وفقاً للمعلومات تجعل دفتر الشروط بصيغته النهائية يستجيب لإعتبارات الشفافية، ليس فقط بإجراء المناقصة وتقديم العروض، إنّما بتعامل العارض الذي سينجح بالمناقصة مع المواطن، على أساس فواتير واضحة ومفصّلة وبالعملة اللبنانية. ما يعني أنّ التركيز هو على مبدأ الشفافية، سواء بعلاقة الجهة المشغّلة مع المواطن أو بعلاقتها مع الدولة.
وخلافاً لما باشر به المشغّل الحالي لشركة كهرباء زحلة عبر تسعير خدمة مولّدات الشركة الخاصة بالدولار، تلفت المصادر إلى أنّ إصدار الفواتير بالليرة اللبنانية حصراً، يشكّل نقطة جوهرية في توصيات هيئة الشراء العام، بالإضافة إلى توصياتها بتأمين إستمرارية الخدمة، مع تحديد ساعات الإستهلاك التي تؤمّنها الشركة عبر مولّداتها، وتلك التي تتوفر من خلال مؤسسة كهرباء لبنان بشكل مفصّل ودقيق في الفاتورة، على أن تخضع هذه الحسابات لتدقيق دوري من قبل جهة مستقلّة وتكون مثبّتة بتقارير الخبراء.
وبحسب المعلومات، فإنّ مندوبي مؤسسة كهرباء لبنان لم يبدوا أي تحفّظ على هذه الملاحظات، ولكنهم ينتظرون عرض الموضوع على مجلس الإدارة للموافقة عليه. علماً أن مدّة الإلتزام المقترحة خلال النقاشات تحدّد بسبع إلى ثماني سنوات، بعد أن تحظى بموافقة السلطة التشريعية، وهذه مدّة تعتبر كافية للإنطلاق باستثمارات إضافية تحقّق مبدأ الإستدامة بتوفير الكهرباء، وبالتالي تخفّض من كلفتها على المواطن، مع طلب إجراء دراسة مسبقة للأثر البيئي لأي شكل من أشكال الإنتاج المقترحة، وفقاً لقوانين وأنظمة وزارة البيئة.
موعد المناقصة
بعد إكتمال دفتر الشروط بصيغته النهائية، لا يفترض أن تستغرق الدعوة لإجراء المناقصة مدّة طويلة، إلا أنّها وفقاً للمصادر يجب أن تمهل مقدّمي العروض فترة لا تقلّ عن شهرين لتأمين كافة المستندات اللازمة والإفادات التي قد يحتاج تحضيرها إلى بعض الوقت بسبب ظروف الإدارة الحالية والإضرابات المستمرّة بالقطاع العام، علماً أنّه وفقاً للمطّلعين لا تستغرق عملية تقييم العروض أكثر من 24 ساعة، ومعادلتها بسيطة، وبالتالي لا يجب أن تكون هناك عوائق كبيرة أمام إطلاق المناقصات وتلزيم الشركة بأقصى سرعة ممكنة.
وفي هذه الفترة تقول المصادر يفترض بحسب قانون الشراء العام، أن تضع مؤسسة كهرباء لبنان يدها مباشرة على معدّات الشركة وتجهيزاتها ومواقع العمل فيها، لتأمين إنتقالها لصاحب العروض الأفضل بالنسبة للمناقصة، سواء أكانت الإدارة الحالية أم أي مشغّل آخر، علماً أنّ أي مناقصة لا تفترض على الإطلاق فوز المشغّل الحالي للشركة، ممّا يجعل إجراء وضع اليد ضرورياً، أيا كانت الجهة الفائزة بالمناقصة. على أن يستمر المشغّل الحالي للشركة بتسيير عمل المرفق العام الذي لا يجوز توقّفه، وحتى إكتمال عملية التلزيم اللاحقة.
وكان العقد التشغيلي لشركة كهرباء زحلة مع مؤسسة كهرباء لبنان قد أقرّ بقانون صادر عن مجلس النواب رقمه 107 تاريخ 30 تشرين الثاني 2018، وكان يفترض أن تنتهي مدّته سنة 2020. إلا أنّه جرى تمديده لسنتين إضافيتين بعدما تخلّفت مؤسسة كهرباء لبنان عن إعداد دفتر الشروط للدعوة الى مناقصة عامة خلال هذه الفترة. ليأتي التمديد الثاني في نهاية سنة 2023 بناء لرأي مقدّم من هيئة الإستشارات، وقد بني على مقتضيات قانون تعليق المهل الذي صدر في فترة الإقفال الشامل إثر جائحة «كورونا» سنة 2020، والذي علّق كافة المهل القانونية والعقدية والإدارية بدءاً من 14 كانون الثاني من سنة 2020 وحتى 22 آذار منه. علماً أنّه خلال الفترة الممدّدة للمشغّل الحالي حتى نهاية سنة 2022 وضعت مؤسسة كهرباء لبنان دفتر شروط لإجراء مناقصة، إلا أنّ شوائب شابت هذه الدعوة لجهة صلاحية مؤسسة كهرباء لبنان بوضع دفتر الشروط من دون الرجوع الى هيئة الشراء العام، ولجهة ما وصف به دفتر الشروط بكونه جاء مفصّلاً على قياس الجهة المشغّلة الحالية.
وعلى رغم توصية رئيس هيئة الشراء العام جان العلية حينها بإلغاء المناقصة، معلّلاً السبب كما جاء في التوصية بـ»الحرص على تأمين الشفافية والمنافسة وتكافؤ الفرص، وعلى نجاح هذه المناقصة العالمية»، لم تعلّق مؤسسة كهرباء لبنان على التوصية، ومضت بفتح باب تسجيل العروض حتى آخر مهلة حدّدتها في 26 آب. وكانت النتيجة عدم تقدّم حتى الإدارة الحالية للشركة بعروضها للمناقصة، بإنتظار ما ستؤول إليه الأمور بالنسبة للمناقصة المقبلة.