مضت مناقصة تلزيم الخدمات الكهربائية ضمن نطاق امتياز زحلة السابق، حتى الآن، من تأجيل إلى آخر، ليبدو الخيار مفتوحاً على بُعد أيام من الموعد الرابع المحدّد لفضّ العروض في 6 أيلول الجاري، أمام احتمال تأجيل رابع. إذ علمت «نداء الوطن» أنّ طرح هذا التأجيل ورد في كتاب وجّهه رئيس مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان كمال الحايك إلى مجلس إدارة المؤسسة، يطلب بموجبه الموافقة على تعديل مهلة تقديم العروض حتى 25 تشرين الأول المقبل. وعلّل السبب بـ»الأهمية الجوهرية» لما تنتظره مؤسسة كهرباء لبنان من إجابات عن ملاحظات واستيضاحات توجّهت بها بكتب إلى كل من وزارة الطاقة والمياه، مجلس الخدمة المدنية، وزارة البيئة، هيئة الشراء العام، ونقابة عمّال ومستخدمي شركة كهرباء زحلة.
وبحسب المعلومات، فإنّ بعض هذه الاستيضاحات تعود بملف مناقصة تلزيم خدمات الكهرباء ضمن نطاق زحلة وامتيازها السابق، إلى البدايات، حيث أعيد طرح إشكالية تمنّع الجهة الشارية عن إجراء دراسة للأثر البيئي قبل إطلاق المناقصة، لتعود مؤسسة كهرباء لبنان في «استفاقة متأخرة» إلى طلب إيضاحات إضافية حول هذا الأمر من وزارة البيئة. هذا مع العلم أنّه بحسب قراءة قانونية للمراسيم التي قدّمتها هيئة الشراء العام، أكّدت الهيئة الحاجة لدراسة مسبقة للأثر البيئي، منذ أطلقت مناقصة التلزيم في شهر آذار الماضي.
والبحث بهذه الإشكالية يبدو أنّه وصل مجدّداً إلى هيئة الشراء العام، التي كانت سابقاً قد حمّلت الجهة الشارية مسؤولية إجراء المناقصة من دون إتمام دراسة للأثر البيئي. كما طُرحت مع الهيئة خلال الفترة الفاصلة بين التأجيل الثالث وموعد فضّ العروض الرابع أيضاً، الإشكالية المتعلّقة بحقوق موظّفي الشركة وعمّالها، والضمانات الوظيفية المقدّمة لهم، وكانت «نداء الوطن» طرحتها بالتزامن مع التأجيل الثالث لفضّ عروض المناقصة.
وقد أبدت الهيئة بحسب المعلومات رأيها في هذا الموضوع، حيث أكّدت مصادرها «أنّها ككل مناقصة تشجّع على وضع شرط يستوعب من خلاله الفائز بالالتزام، عمّال المتعهّد الحالي، وفقاً لآلية واضحة وشفافة، وذلك لعدّة أسباب: الأوّل يتعلّق بمبادئ قانون العمل، الثاني بأنّ الشركة التي تتولّى الامتياز هي شركة تدير مرفقاً عاماً وهؤلاء موظفون في المرفق العام، والثالث للاستفادة من خبراتهم».
إلا أنّ موظفي الشركة كما تبيّن من خلال النقاشات التي خاضوها مع مؤسسة كهرباء لبنان وهيئة الشراء العام، لا يثقون بأنّ أي متعهّد جديد، غير المشغّل الحالي، سيحفظ حقوقهم في حال فاز، كما تفعل الإدارة الحالية، وأعربوا عن هواجسهم في ما يتعلّق بالشروط المرجعية التي حدّدها دفتر الشروط، ولذلك طالبوا «بالخضوع إلى شروط استرداد الامتياز، ولا سيّما في ما يتعلّق بتحويل الموظفين والعمال إلى مؤسسة كهرباء لبنان». وأصرّوا على أن ينجز ذلك قبل إتمام المناقصة، وفقاً لما ينصّ عليه القانون.
وفيما طلبت مؤسّسة كهرباء لبنان بكتاب خطي التعديلات التي يطالب بها العمّال والمستخدمون على الفقرة المتعلّقة بهم بدفتر الشروط، فقد أشار الحايك في كتابه الموجّه إلى مجلس الإدارة إلى أنّ النقابة لم ترفع للمؤسسة خطياً التعديلات التي طلبتها، وقد أرسل إليها كتاباً تذكيرياً بذلك في 28 آب، وهو للمناسبة التاريخ نفسه الذي وجّه فيه الحايك كتاب طلب التأجيل إلى مجلس إدارته.
وأشار الحايك إلى منحه النقابة مهلة أقصاها أسبوع لرفع ملاحظاتها، في وقت أكّدت مصادر نقابة العمّال في شركة كهرباء زحلة لـ»نداء الوطن» أن الكتاب بات في عهدة المؤسسة وقد ضمّنته كافة الملاحظات والتعديلات التي تطالب بها.
وبحسب رأي لهيئة الشراء العام «فإنّه عندما يتمّ استرداد الامتياز يخيّر الموظّف، إمّا بالذهاب إلى مؤسّسة كهرباء لبنان أو ينضمّ إلى فريق الرابح بالتزام الكهرباء»، إلا أنّ الموظّفين إرتأوا أيضاً عرض الأمر على مجلس الخدمة المدنية. فكان طلب من الهيئة بأن يحرص أصحاب المطلب على أن تكون إجابات مجلس الخدمة المدنية بالسرعة اللازمة، حتى لا يؤثر ذلك في المواعيد المحدّدة لتقديم عروض المناقصة، وفضّها. بالعودة إلى التأجيل الرابع المحتمل، يبدو أنّه انطلاقاً من الذرائع التي ارتكز إليها كتاب الحايك الموجّه إلى مجلس الإدارة إذاً، يفترض أن يصوّت مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان اليوم الاثنين على طلب تمديد مهل تقديم العروض للمناقصة، فإمّا أن تؤيّده الأكثرية فيتمّ التأجيل، أو يرفضه المجلس بأغلبية أعضائه فيبقى موعد 6 أيلول ثابتاً. هذا مع العلم أنّ التصويت لمصلحة أي تأجيل رابع لن يحمل الضمانات بأن الموعد المقبل المحدّد قد يكون نهائياً. إذ إنّ «الأرانب» التي يتم إخراجها لاستمرار التأجيل في هذه المناقصة، لا تنتهي. وقد تكون الورقة الأبرز التي لم يتمّ استخدامها حتى الآن، تكمن في تقاذف المسؤوليات القائم بين مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة حول التمنّع الحاصل لاسترداد المنشآت العامة التي تجري عليها المناقصة. إذ إنّ لجنة لاستكمال استلام منشآت امتياز شركة كهرباء زحلة كانت قد شكّلت منذ سنة 2021 وفقاً لما نصّ عليه القانون 1982020 ومدّد بموجبه للقانون 1072018 القاضي بتوقيع عقد تشغيلي بين مؤسسة كهرباء لبنان وشركة كهرباء زحلة، إلا أنّ هذه اللجنة لم تنجز مهمّتها حتى الآن. وهذه الإشكالية وفقاً لمصادر مطلعة قد تشكّل سبباً إضافياً يمنح التأجيل التبريرات القانونية. وهي على ما يبدو تشكّل «قطبة مخفية» يحتفظ بها لتمديد جديد في المهل الممنوحة لإنجاز هذا التلزيم.