Site icon IMLebanon

زحلة «دار المعارك»… هدير يُنذر بالمواجهة الكبرى

 

سقط التوافق، وفتحت المعركة على مصراعيها، هذه حال مدينة زحلة عاصمة الكثلكة في الشرق، التي تستعدّ لأشرس المعارك إذا إستمرّت الأمور في هذا المنحى. الجميع يجهّز ماكيناته الإنتخابية إستعداداً للمنازلة الكبرى، والصناديق التي سجّلت مفاجآت في انتخابات 2005 و2009 و2010 تستعدّ لقول كلمتها الفاصلة.

إمتزج هدير البردوني بصخب المعارك البلدية، حيث تحمل إنتخابات زحلة في طيّاتها عناوين ورسائل كثيرة، ولعلّ أبرزها تحديد بوصلة إتجاه الرأي العام المسيحي، خصوصاً انّ زحلة هي أكبر مدينة مسيحيّة في الشرق، وتضمّ نحو 65 ألف ناخب بينهم نحو 7 آلاف شيعي و4 آلاف سني، وتأتي انتخاباتها بعد التفاهم بين «القوّات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ»، لذلك يعتبر سقوط هذا التحالف في بلدية زحلة التي تضم 21 عضواً، ضربة موجعة على رغم الحسابات العائليّة، في وقت تخوض «الكتلة الشعبيّة» المعركة تحت عنوان استعادة قرار زحلة ورفع الهيمنة عنها وتحرير قرارها.

والمفارقة الثانية الأساسيّة في هذه المعركة، هي وجود حزب الكتائب اللبنانية الى جانب الثنائي المسيحي، في حين أنّهما ابتعدا في معظم البلدات، ما يعطي المعركة طابعاً حزبياً، في حين أنّ اصطفاف الكتائب سيشكّل دفعاً للائحة رئيس البلدية السابق أسعد زغيب هو بحاجة إليه، علماً انّ زغيب سبق الجميع على إعلان ترشيحه، وهو الذي كشف أنّ الاحزاب المسيحيّة الثلاثة تدعمه، لحظة سقوط التوافق.

أمّا الأمر الثالث والأهم، فهو تحديد قوّة «الكتلة الشعبيّة» بعد رحيل رئيسها الوزير الياس سكاف، واستلام السيّدة ميريام سكاف قيادتها، فإذا نجحت اللائحة في تحقيق فوز على الثلاثي الحزبي، فستظهر بمظهر القوي والقادر على الوقوف في وجه ما سمّي «تسونامي» جديد، امّا إذا لم يحالفها الحظ، فعندها سيطرح مدى استعدادها للمبارزة في الانتخابات النيابية المقبلة بعد خسارة حليفها العوني المتحالف مع خصمها «القوّات اللبنانية».

وفي هذه الأثناء يطرح سؤال عن موقف تيار «المستقبل» و»حزب الله» داخل المدينة وعن استعداد «المستقبل» للدخول في مواجهة مع حليفيه «القوات» و«الكتائب»، وهل سيدعم الحزب لائحة سكاف في وجه حليفه «التيار»، او أنهما سيتركان الحريّة لناخبيهم تفادياً للإحراج؟

الموقف المنتظر

وفي هذه الأثناء، وبعدما فرزت المعركة بين الأحزاب المسيحية وزغيب من جهة، و«الكتلة الشعبية» من جهة اخرى، تتجه الانظار الى موقف حليف «التيار الوطني الحرّ» النائب نقولا فتوش والذي ترشّح شقيقه موسى لرئاسة البلديّة.

وفي هذا الإطار يؤكد النائب فتوش لـ«الجمهورية»: «إنني لا أتحالف مع أحد ولا أتكلم مع أحد في البلدية، ولم يأت أيّ شخص ويحدّثني بالوفاق وأنا لم اتكلّم مع أي فريق للتوافق، وموسى فتوش هو «زينة البلد» ومستمرّ بالمعركة»، مشيراً الى أنّ «الإنتخابات البلدية ستحصل، وسأرفض التمديد لأنه باطل».

«الكتائب»

وفي وقت ينتظر الجميع موقف فتوش، يبدو انّ الرهان على افتراق الكتائب عن التحالف مع «القوات» و»التيّار» أصبح غير واقعي خصوصاً بعد الحديث عن حصول خلاف مع زغيب حول توزيع الحصص.

ويشير عضو كتلة الكتائب اللبنانية النائب إيلي ماروني الى «اننا ندعم زغيب مع بقية الأحزاب، وكنّا قد تكلمنا مع «القوّات اللبنانية» في هذا الموضوع قبل إعلان السيدة ميريام سكاف فشل التوافق بسبب مطالبها الكبيرة»، موضحاً «اننا و«القوات» في زحلة يد واحدة ونتقاسم البيوت وشركاء في الشهادة».

ويروي ماروني لـ«الجمهوريّة» أنّ «تحالفنا الإنتخابي مع «القوّات» ثابت، وبما انّ «القوات» و«التيار الوطني الحرّ» على تفاهم وتحالف، فقد اجتمعت الأحزاب الثلاثة مع العائلات على دعم زغيب لأننا نريد معركة إنماء»، موضحاً أنّ «التيار» يتولّى الإتصال مع النائب فتّوش، ونأمل نجاح المساعي لأنّ تضافر جهود الجميع يؤدي الى إنجاح لائحة تمثّل المدينة».

وينفي ماروني كل حديث عن وجود خلاف مع زغيب على الحصص، موضحاً انه «لم نصل للحديث على التقسيمات، فكيف نختلف على الحصص؟».

وعن احتمال التشطيب بين الكتائب و»التيار الوطني الحرّ»، يشدّد ماروني على «اننا حزب ملتزم وإذا تحالفنا مع أحد فإننا نصدق معه ونتعامل كفريق عمل واحد، علماً انّ جميع المرشّحين هم أصدقاؤنا على المستوى الشخصي، والتشطيب هو تشطيب على المبادئ، وكل من يشاركنا نظرتنا في إنماء المدينة وتطويرها ندعمه».

«القوّات»

من جهتها، تحضّر «القوّات اللبنانية» ماكينتها لخوض المعركة حيث تعتبر انّ زحلة هي من أهم معاقلها، ويشدّد رئيس «كتلة نواب زحلة» وعضو كتلة «القوّات اللبنانية» النائب طوني أبو خاطر لـ«الجمهوريّة» على أنّ «الدنيا تهتزّ ولا تقع، وعلى رغم أنّ الوفاق تعسّر إلّا انّ هناك بعض الوقت ربما لإنجاحه»، موضحاً انّ «المعركة تتداخل فيها العوامل العائلية، لذلك يجب إيصال بلدية تعمل للإنماء ولا تكون دكانة لأحد الزعماء».

ويلفت أبو خاطر الى انّ «زغيب يأخذ وقته في اختيار الأعضاء لأنّ الأمر يحتاج الى دقّة، فهناك حسابات زحلاوية حسّاسة»، معتبراً أنّ «هدفنا الإنماء وزغيب حوّل البلدية الى مؤسسة، لكنّ البلدية التي أتت في انتخابات 2010 خرّبت كل ما بناه، وهو يحاول الآن إعادة الأمور الى طبيعتها من اجل إنماء البلدة».

عودة من جديد

يبدي زغيب ثقته بالتحالف بين الأحزاب والعائلات، وينفي في حديث لـ»الجمهورية» وجود «أيّ خلاف مع الاحزاب على توزيع الأعضاء»، مؤكداً أنّ «الحلف قوي وكنت سأعلن اللائحة يوم الثلثاء الماضي لكنّ هناك أسباباً داخلية أجّلت هذا الامر، وأيضاً لإفساح المجال نحو مزيد من التشاور».

ويشدّد زغيب على أنّ «الاحزاب والعائلات تدعمنا، ونحن نَنكبّ على إعداد البرنامج الذي سينتخبنا الزحليون على أساسه»، معتبراً أنّ «الحوار مع النائب فتوش يتمّ عبر أحد المقرّبين، بينما كان هناك تواصل بين الأحزاب و«الكتلة الشعبية» ولم ينجح التوافق».

ويشير الى انّ «الذي تغيّر بين عام 2010 واليوم هو انّ هناك رأياً عاماً زحلاوياً يطالب بعودتي الى رئاسة البلدية لتحقيق المشاريع الإنمائية، وهذا الرأي العام كبير في المدينة»، موضحاً أنّ «تقسيم لائحته سيكون على أساس 9 أعضاء كاثوليك، 6 موارنة، 3 روم أرثوذوكس، 1 سريان أرثوذوكس، 1 سني و1 شيعي، والرئاسة هي للكاثوليك أمّا نائب الرئيس فهو ماروني».

«الكتلة» تتريّث

وفي هذه الأثناء، تتريّث «الكتلة الشعبيّة» في إعلان إسم رئيس اللائحة والاعضاء المشاركين، وتشير مصادر الكتلة لـ«الجمهوريّة» الى انّها «تخوض المعركة لاستعادة قرار زحلة، لأنّ القوى السياسية والنواب الذين ينتمون الى الأحزاب يرهنون قرارهم للخارج ويستعملون كوقود في حسابات لا تمتّ الى مصالح الزحلاويين بصِلة».

وتلفت المصادر الى انّ «اللائحة ستعلن في مهرجان شعبي حاشد بحضور السيّدة سكاف، أمّا سبب التأخير في إعلانها فيعود الى اننا ندرس التوازنات جيداً وخصوصاً في الأحياء وبين العائلات ونريد ان نمثّل الجميع لأنّ هدفنا إشراك جميع المكوّنات الزحلاوية في القرار».

وتوضح أنه «لم يحصل أي شيء حتى الساعة على خطّ «حزب الله» وتيار «المستقبل»، معتبرة انّ «الإعتراضات على البلدية ليست بشيء نسبة الى التململ من عمل النواب وغيابهم عن المدينة وتقصيرهم من ناحية الخدمات وتحرّرهم السياسي»، مؤكدة انّ «الحزبيين هم أولادنا ونحن على علاقة معهم لكنّ مشكلتنا في القرار الذي يأتي من خارج المدينة ومحاولة الهيمنة عليها».

وتشير المصادر الى انّ «الإنجازات التي يتكلّم عنها زغيب هي نتيجة عمل جماعي وبدعم من الياس سكاف الذي فتح امامه أبواب الوزارات والسفارات وليست فعلاً فردياً وإنجازاً يعطى له»، معتبرة انّ «سكاف والكتلة يحترمان قرار أهل المدينة وعائلاتها ومهما كانت النتيجة نتقبّلها».

ستكون زحلة على موعد في 8 أيار مع كلمة الصناديق وتحديد الاحجام، وبالطبع فإنّ يوم 9 أيار سيكون يوماً جدياً في الحسابات السياسية ومؤشراً على اتجاه الرأي العام المسيحي في المناطق كافة.