IMLebanon

زحلة تتذوّق «كاس» الإنتخابات

مرّ اليوم الإنتخابي الطويل في زحلة بهدوء على رغم حال الإحتقان بين اللوائح المتنافسة، ووصلت نسبة الإقتراع الى نحو 40 في المئة وسط الدعوات المتكرّرة للناخبين للإدلاء بأصواتهم وتحفيزهم على المشاركة. وقد شهدت الساحة الزحلاويّة تراشق إتهامات بدفع المال الإنتخابي من أجل الإنتصار، في حين أظهرت النتائج الأولية فوز لائحة «إنماء زحلة» برئاسة أسعد زغيب بالمجلس البلدي.

لم يكن يوم الأحد في زحلة عادياً على غرار بقيّة الأيام، على رغم أنّ معظم الزحالنة لم يتخلّوا عن شرب «كاس» العرق على حدّ قول أحد أصحاب المحال التجارية على بولفار الرئيس الياس الهراوي، الذي جلس في متجره منتظراً وصول الزبائن، محرّضاً كل زبون يدخل على عدم انتخاب السياسيين، ومشيراً في الوقت عينه الى أنّ الزحلاوي ينتظر شرب الكأس على الغداء لينزل بعدها وينتخب.

لم تعكس حركة السير الخفيفة من ضهر البيدر في اتجاه زحلة الحماوة الانتخابية وجو التوتّر الذي بَدا جليّاً على الماكينات الحزبية والمرشّحين، وهذا الجو انعكس توتّراً وضياعاً وحتى تغييراً في مواعيد إدلاء المرشحين والنواب وشخصيات المدينة بأصواتهم، في حين كانت التعزيزات الأمنية تأتي تباعاً وتعبر بولفار زحلة مستكملة الانتشار الأمني على مداخل صناديق الاقتراع وفي المناطق الحسّاسة.

«الكتلة الشعبية» تخوض معركة إثبات تمثيلها، الأحزاب المسيحية تخوض انتخابات من أجل الفوز بالبلدية، والنائب نقولا فتوش يدعم شقيقه موسى لإثبات الوجود، ووسط كل هذه الاجواء كان الهاجس الأمني طاغياً على المدينة مع تواتر الأخبار عن إشكالات من هنا وهناك.

ليل طويل

لم تنم زحلة ليل السبت – الاحد، ويشهد الفرن قرب مركز ماكينة «الكتلة الشعبية» في حيّ سيدة النجاة على الليل الطويل، حيث يقول أصحاب الفرن إنهم عملوا منذ يوم السبت لتأمين طلبات اللوائح الثلاث، «فالجميع أبناء زحلة، وبعد الانتخابات سنعود عائلة واحدة».

في المقابل، يعكس اتصال صاحب الفرن بجاره المرشح الى المخترة، ناجي مراد المعلوف، الذي فاز بالتزكية ليستيقظ من النوم، جوّ البرودة الذي سجّلته انتخابات المخاتير كي يتفضّى الجميع للمعركة البلدية.

إضافة الى الهمّ الأمني، شكّل رفع نسبة الاقتراع والمال السياسي الهاجس الأكبر لدى جميع المرشحين، خصوصاً بعد اتهامات متبادلة بدفع الأموال من أجل الفوز. وفي هذا الوقت كانت مواكب السيارات تعبر الشوارع رافعة الأعلام وصور الناخبين لتحفّز الناس على المشاركة.

مندوبو الأحزاب

تحالفت أحزاب «القوات» و«التيار» والكتائب مع العائلات في زحلة، وكان لافتاً ارتداء البعض قمصان التيار ووضع علم «القوّات» على رؤوسهم، والعكس. وبعدما شهدت ساعات الصباح الاولى حركة كثيفة، هدأت الحركة بعد الساعة العاشرة. لكنّ هذه النسبة اختلفت بين حيّ وآخر، وقد شكّل الصراع على الزعامة الكاثوليكيّة والمسيحيّة عنواناً مهماً في المعركة.

بين شارعي مار الياس ومار مخايل تتوزّع النسبة الأكبر من الكاثوليك، وفي هذين المركزين ينتخب العدد الأكبر من مرشحي المدينة وشخصياتها، فأمام مركز المهنية في مار الياس يصطفّ عدد كبير من مندوبي اللوائح، وفي هذه النقطة تقدّمت الأحزاب على اللائحتين المنافستين، إذ إنّها وزّعت نحو 80 في المئة من محازبيها كمندوبين في الصناديق وأمام أقلام الاقتراع فيما احتفظت بنحو 20 في المئة في مكتب كل حزب وتيّار.

المرشحون يقترعون

إستبق رئيس لائحة «إنماء زحلة» أسعد زغيب الوقت وخرج باكراً للإنتخاب لكي يتفضّى لجولاته الإنتخابية، ويؤكّد لـ»الجمهورية» أنّ سبب تدنّي نسبة الإقتراع يعود الى أسباب عدّة أبرزها: زرع المتفجّرة قبل يوم من الانتخاب، والمال السياسي، وسياسة الازدحام التي يمارسها بعض القوى الطائفية في المعلّقة والكرك لمنع الناس من الإنتخاب»، مؤكّداً أنّ تيار «المستقبل» هو من أقدمَ على هذا العمل وهو يدعم لائحة سكاف خصوصاً أنّ لديه مرشّحاً مع لائحة «زحلة الأمانة» هو منسقه في زحلة عبدو حسنا».

ويعتبر زغيب أنّ اللوائح المنافسة تدفع للانتخاب، مشيراً الى أنّ «حزب الله» من خلال تشكيله لائحة تضمّ 5 من «التيار» و8 من سكاف و8 من فتوش يريد ضرب بلدية زحلة لأنه إذا نجحوا لا يمكنهم تأليف بلدية، وقد عرض عليّ الحزب وضع إسمي فرفضت لأنّ لائحتنا فريق عمل واحد ولن أرضى بأن أنجح ويرسب رفاقي».

لم يتأخّر رئيس لائحة «زحلة الأمانة» يوسف سكاف من الإدلاء بصوته، فعند الساعة العاشرة وصل الى مركز المهنية في مار الياس، إنتظر قليلاً لوصول الإعلاميين، لكنه قرّر الكلام معتبراً «أننا جميعاً عائلة واحدة والاحتقان موجود فقط في الإعلام»، نافياً كل الكلام عن دفع الكتلة المال السياسي.

تقصّد سكاف إلقاء التحية على جميع المندوبين من مختلف اللوائح، وعندما دخل ليصوّت سألناه: هل انتخبت «زي ما هي»؟ فضحك قائلاً: «بالتأكيد».

تدنّي النسب

بلغت نسبة الإقتراع في أقلام المهنية عند الساعة العاشرة صباحاً نحو 12 في المئة، وقد ارتفعت عند الإقفال الى نحو الـ40 في المئة، في حين اكّدت المرشّحة على كتلة «إنماء زحلة» جورجيت زعتر أنّ أهالي زحلة سينتخبون قرارهم الحرّ المستقل ومن يقف الى جانبهم.

لم يختلف الوضع في مركز الاقتراع الكائن في غرفة التجارة والصناعة في شارع مار مخايل عن بقية الأقلام، لكنّ اللافت كان ضيق أقلام الاقتراع وصعوبة مرور الناخبين، ما دفع مراقبي العملية الانتخابية الى انتقاد وضعية المركز الذي سجّل نسبة إقبال عند الساعة الحادية عشرة صباحاً بلغت نحو 12 في المئة لتقترب الى الـ33 في المئة عند الخامسة عصراً.

الكلام عن دفع الأموال كَثر مع ساعات الظهر، خصوصاً مع مداهمة إحدى الشقق في حوش الأمراء قيل إنها تابعة لفتوش وكانت تشتري الأصوات، وهذا الأمر نَفاه رئيس لائحة «زحلة تستحق» موسى فتوش أثناء إدلائه بصوته في المركز، فيما أكد النائب نقولا فتوش أنّ «المعركة الإنتخابية إنمائية، وليست سياسية، فالسياسة لم تدخل أمراً إلّا وأفسدته».

وفي هذه الأثناء، اكّد المرشح على لائحة «إنماء زحلة» فادي سكاف عمليات الدفع، موضحاً أنّ تحالفنا لا يدفع، وزحلة ذو وجه كاثوليكي ومناصرو الأحزاب من الكاثوليك وبقية المذاهب. فيما أكد راعي أبرشية زحلة والفرزل للروم الكاثوليك عصام درويش لـ «الجمهورية» عدم تدخّله في مسار الانتخابات ودعمه لائحة على حساب أخرى.

في المقابل، كان تأخير مواعيد انتخاب فعاليات المدينة سِمة الإنتخابات، فقد حضرت رئيسة «الكتلة الشعبية» ميريام سكاف نحو الساعة الثانية عشرة والنصف ظهراً الى مركز المدرسة في سيدة النجاة، ذلك المركز الذي تدخله «بزواريب» متعدّدة ولا تصله الطريق. دخلت ميريام على وقع التصفيق برفقة ولديها، مؤكّدة انّ تصرّف «حزب الله» بتأليف لائحة خاصة به هو عمل ديموقراطي، وأنّ المعركة هي لاسترجاع قرار المدينة.

من جهته، أكّد النائب ايلي ماروني، بعد الادلاء بصوته، أنّ «شراء الأصوات بطريقة وقحة وممارسة أعمال العنف في اكثر من قلم انتخابي، سيكونان موضوع بحث في لقاء على أعلى المستويات، لأننا نريد معركة ديموقراطية ولا نريد إلغاء احد».

الحماوة انعكست توتراً بين المتنافسين في حوش الأمراء، هذا الحي الذي يمثّل ثقلاً لـ»القوات» والكتائب، خصوصاً أنه كان خطّ تماس أيام الحرب مع المناطق التي كان يحتلها الفلسطينيون، وهو شبيه بمحور عين الرمانة – الشياح، وفي هذا الحي نزلت «القوات» بكل ثقلها. وقد وقعت إشكالات عدة خصوصاً بين مناصري فتوش وسكاف، ومع «القوات» على وقع اتهام فتوش وسكاف بالرشوة.

«المستقبل» و«الحزب»

على الضفة الإسلامية، قلب موقف «حزب الله» بتأليف لائحته الخاصة الحسابات في المدينة، مع احتمالات تسجيل خروق. وقد شهد حي الكرك ذات الغالبية الشيعية إقبالاً بعد الظهر حيث وصلت النسبة الى الـ40 في المئة، مع انتشار شباب «حزب الله» وتوزيعهم اللائحة.

ومن جهة ثانية، ضيّع موقف تيار «المستقبل»، الذي بقي مبهماً، الحسابات أكثر، خصوصاً مع تأكيد «القوات» تصويت المستقبليين للائحة سكاف مع وجود حسنا على لائحته.

وفي هذا الإطار يؤكد حسنا لـ«الجمهورية» انّ «تاريخه في المدينة طويل وقد ترشّح منذ العام 1998 ولم يحالفه الحظ، ونحن عائلة سنيّة متجذرة في المدينة، والسنّة لهم علاقات مع آل سكاف». ويسأل: «هناك مرشحون سنّة غيري، فلماذا لم يتمّ سحبهم إذا كان هناك قرار حزبي من «المستقبل» بدعمي».

إنتهى اليوم الانتخابي الطويل في عاصمة الكثلة، لكن هناك مشاكل باتت تُثقل كاهل زحلة والبقاع الأوسط ومنها تغيير هوية القضاء بأكمله، ما يشكّل مشكلة يجب على الجميع التنبّه إليها، لأنها أبعد من ربح بلدية او مركز نيابي ووزاري.