IMLebanon

ظريف ينقل رسالة التزام إيراني باستقرار لبنان

طهران تعوّل على مبادرة عُمان لفتح الأبواب مع الرياض

ظريف ينقل رسالة التزام إيراني باستقرار لبنان

يصل وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف الى بيروت غدا، في إطار جولة إقليمية بدأها في الخليج ويتابعها في تركيا ولبنان وسوريا.

ثمة قناعة إيرانية بأنّ حقبة جديدة بدأت في المنطقة بعد توقيع الاتفاق النووي، ولذلك، تنشط الديبلوماسيّة الإيرانية في التواصل مع دول الجوار بغية إعادة تمتين العلاقات عبر شرح الاتفاق النووي الإيراني أولا، ومحاولة بناء منظومة إقليمية متّحدة لمحاربة الإرهاب ثانيا، وتمهيدا لإيجاد حلول للملفات الإقليمية لا سيما في اليمن وسوريا ثالثا.

وفيما يتحدث الإيرانيون عن حركة وساطة تقودها مسقط لم تصل بعد الى فتح أبواب الرياض الموصدة، تشير أوساط ديبلوماسية إيرانية ردّا على سؤال لـ «السفير» الى إمكانيّة انفراج عتيد قد يقود ظريف الى زيارة الرياض، وتقول إنّ «فكرة الزيارة موجودة قبل إبرام الاتفاق النووي، لكنّ حصولها يحتاج الى آليّة ديبلوماسيّة وصولا الى توجيه دعوة رسمية سعوديّة يسبقها تنسيق عبر القنوات الديبلوماسية».

تعلّق إيران أهمية على الوساطة العُمانية، وتظهر الأوساط الديبلوماسية الإيرانية تقديرا لجهود مسقط الإيجابية في الإقليم، مشيرة الى أنّ «عُمان فهمت إيران أكثر من أشقائها الخليجيين، وأدركت بأنّ «أفضل سبيل لحلّ مشاكل المنطقة يكمن في التفاوض» بحسب تعبير الأوساط الإيرانيّة.

وتقوم عُمان بجهود حثيثة بغية تطبيق هذه السياسة وتوافقها طهران الرأي، لأنها تعتبر بأنّ «التعاون الإقليمي هو الأفضل، والمنطقة لا تحتاج الى تدخّلات من الولايات المتّحدة الأميركيّة لمساعدتها في حلّ الخلافات، لأنّ دول المنطقة تتمتّع بالنضج والقدرة على حلّ مشاكلها بذاتها، ويمكن أن تقوم بذلك عبر التفاوض» بحسب الأوساط ذاتها.

لا تبديل بالمقاربة تجاه لبنان

تمنح إيران لبنان أهمية استثنائية «كونه يحتضن المقاومة ضدّ إسرائيل». يريد ظريف أن يوضّح للحكومة اللبنانية ماهية الاتفاق النووي، وينقل رسالة من القيادة الإيرانية تعبّر عن الأهمية التي تمحضها للبنان، مؤكّدا أن «لا تبديل في المقاربة الإستراتيجية الإيرانية في لبنان وفي المنطقة بعد الاتفاق النووي الإيراني».

ماذا يعني عدم وجود تغيير؟

تقول الأوساط الديبلوماسية الإيرانية «إنّ ذلك يعني بأنّ استقرار لبنان هو أولوية إيرانية». وتضيف: «كما أنّ ذلك يعني أن لا تغيير البتة في نهج إيران تجاه الانتخابات الرئاسية اللبنانية، فهي تبقى على موقفها بأن هذا الاستحقاق الحيوي داخلي ويتعلّق بالشعب اللبناني ويمكن للمجموعات اللبنانية أن تحلّه بالتفاوض وبحسب المصلحة الوطنيّة ولا يربطنّ أحد هذا الاستحقاق بإيران».

وعن تعويل لبناني على انعكاسات إيجابية للاتفاق النووي على ملفات المنطقة ومنها الملف اللبناني، تقول الأوساط الدّيبلوماسيّة الإيرانية ان البعض يحاول الربط بين المشاكل الإقليمية والاتفاق النووي، وإيران ترفض ذلك قطعا، فالمفاوضات تطرقت الى الملف النووي فحسب، وليس لدينا ايّ جديد حول الملفّات الإقليميّة». تضيف: «لا تداعيات للملف النووي على الملفات الإقليمية وربمّا يحصل اتفاق آخر حولها بين إيران وأفرقاء آخرين في المنطقة، لكنّ النووي مستقلّ».

وردّا على سؤال عما إذا كان المقصود بذلك السعودية، قالت الأوساط ان ايران منفتحة للحديث عن الملفات الإقليمية لكن دون ربطها بالملف النووي «ونحن مستعدّون للتحدث مع من هم مستعدون بدورهم للنقاش».

وهل سيكون الملف الرئاسي اللبناني حاضرا؟

تجيب الأوساط الايرانية: «إذا حصل الحوار مع السعودية، فلن يكون لبنان حاضرا في المرحلة الأولى، والسعودية بلد مهمّ ومؤثر في العالم الإسلامي والإقليم، ونحن نمدّ يدنا للتعاون معها وثمة الكثير لنتحدث عنه».

استعداد للتعاون المصرفي وفي ملف النفايات

سيشرح ظريف لمحدثيه اللبنانيين كيف أنّ الاتفاق النووي فرصة حقيقة يجب اقتناصها من قبل دول المنطقة وقد سبقتهم الدول الأوروبية الى إيران، وقريبا يزور الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند طهران، من هنا ضرورة إعادة الحرارة الى العلاقات الإقليمية ولبنان في طليعتها. وثمّة تطلّع إيراني الى التعاون معه وخصوصا مصرفيا حيث ان طهران مستعدّة للتعاون مع النظام المصرفي اللبناني عبر استيعابها رأسمال المصارف في الاستثمارات في إيران، كما أنها يمكن أن تقدم الكثير في قطاع الصناعة والخدمات للبلديات والتنظيم المدني وحتى في إدارة ملفّ النفايات؛ ومعروف بأن مدينة طهران وحدها تعالج يوميا آلاف أطنان النفايات وهي العاصمة التي يدخل إليها يوميا 3 ملايين شخص للعمل ويغادرونها مساء. وتقول الأوساط الديبلوماسية الإيرانية بأنّ إيران يمكن أن تقدّم خبرتها في هذا المجال إن طلب منها أحد ذلك من الحكومة اللبنانية وهذا ما لم يحصل لغاية اليوم!

الحلّ في سوريّا بات طارئا

تعتبر إيران سوريا ولبنان العمود الفقري لاستراتيجيتها في المنطقة ودعمها لسوريا مستمر انطلاقا من قناعة لديها بضرورة وقف النشاط الإرهابي الذي يجتاز الحدود بشكل سهل، وهذا ما يوتّر الجوار القريب والبعيد، وبالتالي «إن سوريا (كما لبنان)، هي في محور المقاومة ضدّ الصهيونيّة وضد الإرهاب معا».

قدّم مساعد وزير الخارجيّة الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مبادرة إيرانية للحلّ في سوريا، لكن تسويقها يبدو صعبا في ظلّ القطيعة المستمرّة مع السعودية ومشاركة إيران وحلفائها بالحرب السورية. تعتبر الأوساط الإيرانّية أن «الشعب السوري هو أولوية ويجب حل المشكلة السورية عبر مفاوضات داخليّة ونقاش عميق بين المكوّنات السوريّة المختلفة، والأمر سيان في العراق، والمبادرة التي أطلقها عبد اللهيان سوف تتوسّع دائرتها لتنطلق من الأمم المتّحدة وهي الجهة التي ستسوّقها».

تبدي إيران قلقها حيال ما يجري في سوريا وهي تبحث عن حل في ظل قناعة إيرانية مستجدّة بأن «الحكومة السورية لا يمكنها القضاء على الإرهابيين نهائيا، كما أن هؤلاء عاجزون عن إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وبما ان مطحنة الحرب دائرة والمتضرر منها هو سوريا أرضا وشعبا، وأن هذه المشكلة باتت تؤثر في المنطقة برمتها، فلا بدّ من إيجاد حلول سريعة، فسوريا من وجهة النظر الإيرانية باتت تلعب دور أفغانستان إبان الحرب الباردة حيث صار هذا البلد ملتقى للمجموعات الإرهابية القادمة من أنحاء العالم، ولما انتهت الحرب عاد هؤلاء الى بلدانهم مقاتلين مدربين، وهذا ما يحصل في سوريا حيث يعاد تصدير إرهابيين الى بلدانهم فينشرون الخراب».